عادت بيروت لتستقطب الفرق الموسيقية الأجنبية. لكن قبيل انطلاق مهرجانات الصيف، وتوافد الأسماء الكبيرة التي لن تكون في متناول الجميع، يمكن محبي الموسيقى الإفادة من الحفلات المجانية التي تنظمها المراكز الثقافية الأوروبية، إذ تستضيف فرقاً ذات مستوى فني جيّد، مشهورة في محيطها، لكن مغمورة عالمياً. في هذا الإطار، يقدّم «معهد غوته» حفلة وحيدة لفرقة «كارستن دِير تريّو» نهار الأحد المقبل في قاعة «بيار أبو خاطر» في الجامعة اليسوعية. تمثل الفرقة ــــ إلى جانب العديد من الفرق التي انتشرت بكثرة خلال العقدين الماضيين ــــ ما بات يُعرف بتيار الجاز الأوروبي الحديث، وألمانيا هي موئله في أوروبا، إضافة إلى فرنسا وإيطاليا والبلدان الإسكندينافية.
محطّة بيروت تأتي ضمن جولة تقوم بها الفرقة في الشرق الأوسط، منذ 21 الشهر الحالي، إذ تمرّ بنا بعد حفلات في ليبيا ومصر وسوريا والأردن، وقبل اختتام الجولة بحفلتين في فلسطين المحتلة. ونستغل زيارة هؤلاء الفنانين إلى لبنان، لنناشدهم الاكتفاء برام الله بعد بيروت، والعدول عن إحياء حفلة في القدس الغربية، استجابة للحملة العالميّة لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً وثقافياً.
تأسست فرقة «كارستن دِير تريّو» منذ أكثر من عشر سنوات، واتخذت التركيبة الثلاثية الكلاسيكية المألوفة في عالم الجاز: كارستن دِير (بيانو)، أوليفر بوتراتس (كونترباص) وأريك شافِر (درامز). كأي مشروع موسيقي، بدأ الثلاثي نشاطه الفني بالحفلات، بهدف تكريس اسمٍ يفتح أمامها باب إنتاج الألبوم الأول. صدرت باكورة الفرقة عام 2003 وحملت عنوان PurpleCoolCarSleep، تلاها ألبوم Bantha Food (2005)، ثم Insomniac Wonderworld (2007). وجميع الألبومات من إنتاج Traumton، وهي شركة محلية مستقلة، ما يفسّر عدم انتشارها في السوق اللبنانية.
موسيقياً، تضيف الفرقة إلى نسيجها الموسيقي غير الكهربائي، بعض العناصر الصوتية الإلكترونية ــــ حين تدعو الحاجة ــــ لخدمة النسيج الصوتي النهائي المطلوب بلوغه. وتقوم إجمالاً أعمال الفرقة البرلينية على توليفة خاصة بها لكلاسيكيات الجاز (أو الستاندردز)، وموسيقى بوب الثمانينيات وموسيقى الأفلام، والموسيقى الكلاسيكية أيضاً (أعمال للمؤلف النمساوي من الحقبة الرومنطيقية فرانتز شوبرت)... إضافة إلى أغنيات لـ Radiohead، فرقة الإليكترو ــــ أكوستِك مودِرن روك التي سبق أن استفزت أغانيها الجميلة رموزاً من عالم الجاز الأوروبي، أبرزهم الأميركي Brad Mehldau. وإعادة قولبة الأعمال التي تُختار، تمنحها هوية موسيقية أخرى ودينامية جديدة من خلال لجوء الفرقة إلى استخدام وسائل تعبيرها ولغتها الموسيقية الخاصة.
حوى الألبوم الأخير مقطوعات تأثر بعضها بمناخ بلدان جنوب شرق آسيا، وحملت عناوينها أسماء مدن منها، وذلك إثر جولة قامت بها الفرق في تلك المنطقة. فهل يحمل الألبوم الرابع أثراً من الشرق الأوسط؟


Carsten Daerr Trio: الثامنة من مساء الأحد 29 حزيران/ يونيو ــــ قاعة بيار أبو خاطر، الجامعة اليسوعية (طريق الشام) ــــ 01،421000