حلم مروان نجار منذ سنوات بتقديم دراما بوليسية محليّة على طريقة قصص التشويق العالمية. وها هو اليوم ينفّذ مشروعه على «الفيوتشر» الذي قرر أخيراً أن يتصالح مع المسلسلات اللبنانية. موعدُنا مع «وحيدة» و«أم الصبي» و«خادمة القصر»... مباشرةً بعد رمضان
باسم الحكيم

قبل أيام من حلول شهر رمضان، تُنهي LBC عرض الدراما الاجتماعيّة «الطاغيّة» للكاتب مروان نجار والمخرجة كارن دفوني. وبعد حلول عيد الفطر مباشرة، تبدأ «المستقبل» عرض أعمال بالجملة لنجّار. ويأتي كل ذلك، بعدما فرضت عليه تبعات عدوان تموز أن يهجر LBC، وأن يتوقف لمدة عن كتابة المسلسلات والتفرّغ لأبحاثه ودراساته، إضافة إلى التحضير لوثائقي «حكيم في الزنزانة» عن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، وقد عرض على «العربية».
بعدها، اتخذ نجّار قراره بالتوجه إلى الإنتاج بنفسه، وعدم انتظار «كرم» المؤسّسات التلفزيونيّة، وخصوصاً بعدما باتت المحطات، تفضّل شراء ساعات دراميّة جاهزة، بدلاً من أن تموّل أعمالاً، إثر مشاهدتها لحلقة تجريبيّة.
هكذا، كانت خطوته الأولى في مجال تحويل شركته MGN من شركة تنفيذ إنتاج إلى شركة إنتاج قائمة بذاتها، وأول الغيث ثلاث خماسيّات من مجموعة «مفقودين» التي تعرض على «المستقبل». نفّذت المخرجة جنان منضور قبل بضعة أشهر، الخماسية الأولى «وحيدة» مع طلال الجردي وزياد سعيد وإليسار حاموش والوجه الجديد جويل داغر. وأنهت المخرجة ليليان البستاني قبل أيّام تصوير الخماسية الثانية «أم الصبي» مع برناديت حديب وبيار داغر وجهاد الأندري وكمال الحلو. كما تستعد البستاني حاليّاً لتصوير القصة الثالثة بعنوان «خادمة القصر»، وذلك في الأسبوع الثاني من تموز (يوليو) المقبل.
حلم نجّار منذ زمن، بنسخة دراميّة بوليسيّة، «تناسب أذواقنا ومزاجنا، كأعمال الأميركي إدغار آلن بو التي نجحت في ابتكار الاستنتاج البوليسي، قبل أن تطوّرها أغاتا كريستي والروائي البلجيكي جورج سيمونون». وهو يراهن على الخماسيّة الثالثة «خادمة القصر»، لكونها ستعيد بديع أبو شقرا إلى الدراما التلفزيونيّة، التي يغيب عنها منذ حلقات «ابني» من سلسلة «حكايات» للكاتب شكري أنيس فاخوري والمخرجة كارولين ميلان. كما يتمسك نجّار بأن يكون أبو شقرا بطل مسلسله المقبل «مؤبّد» الذي يقع في خمس عشرة حلقة، ويتناول ظاهرة العنف الأسري والقسوة في معاملة الأبناء، مسلِّطاً الضوء على انعكاسات ونتائج التربيّة الخاطئة على مستقبل الأولاد، في أجواء من الرومانسيّة والصراعات الاجتماعيّة.
يرى نجّار أن «أهم مكوّنات سطوع نجم بديع أبو شقرا، هو الغموض الكامن في شخصياته الدراميّة. ففي مسلسل «لمحة حب» للمخرج سمير حبشي، حمل سر انتقام، وأراد تصفية حساباته مع صاحب الشركة التي اتهمت والده بالسرقة وأدخلته هو إلى السجن. وحين اكتشف أنه أحبّ المرأة التي تزوّجها بدافع الانتقام، شعر بعقدة الذنب وندم عمّا فعله. أما في فيلم «أحبيني» للمخرج ميلاد أبي رعد، فحمل غضباً وحقداً على المجتمع إلى حين يقع في الحب، فتنقلب حياته رأساً على عقب». ويكشف أن خماسيّة «خادمة القصر»، تأتي لتكمل صورة بديع عند الجمهور، لا لتكررها. تنطلق أحداث الخماسيّة من لحظة اختفاء خادمة من القصر، لم يمر سوى عام واحد على دخولها إليه في ظروف غامضة. وفي ظل عدم اكتراث الشرطة لمصيرها، تبدأ رحلة البحث عنها من جانب صاحب القصر.
عندما تسأل نجّار عمّا إذا كان سيسعتيد قصة الحب التي قدّمها في «مريانا»، مع كارول الحاج ويوسف حدّاد، يسارع إلى القول: «هنا، أكتب لبديع، أفصّل القصّة على قياسه، لا لشخص آخر. واختفاء الخادمة ليس سوى الذريعة التي ننطلق منها نحو قصة الحب التي ستنشأ بين زاهي (بديع أبو شقرا)، ورانيا التي لم يحدد اسم الممثلة التي ستؤدي دورها حتى اللحظة».
وفي وقت وصلت فيه عمليّات مونتاج خماسيّة «أم الصبي» إلى مراحلها النهائيّة، ينفي أنه يستعمل المصطلح (أم الصبي)، ككليشيه بالطريقة التي يستخدم فيها في السياسة، «لأننا نستخدم العبارة بمعناها الإيجابي». ولعل قصته، مبنيّة على قصة سليمان الحكيم في التوراة. وهي رواية النزاع بين امرأتين على أمومة أحد الأولاد، فما كان من سليمان الحكيم ـــــ لمعرفة الأم الحقيقية له ـــــ إلاّ أن اقترح قطع الولد إلى نصفين وإعطاء كل من المرأتين النصف، فوافقت إحداهما، بينما رفضت الأخرى، خوفاً على حياة ابنها... وهكذا استدلَّ على من هي الأم الحقيقيّة للولد.
ويقول نجار: «أم الصبي، لا تجازف بحياة ابنها طبعاً، لكن الامتحان الذي تخوضه مختلف، لأن الصبي اختطف قبل 11 عاماً، وصار هاجسها الوحيد، يتمثل في البحث عنه، فنسيت أمومتها لابنتها وأهملت زوجها». ويثني نجّار على برناديت حديب كممثلة، «تعطي المشاهد الدراميّة حقّها من دون أن تقع في ميلورداما مبالغ بها، وهنا قوّة أدائها... فأهم من الانفعالات والأحاسيس والمبالغة في المشاعر، أريد الاستفادة من نضجها الفني». ويذكّر بأن حديب بدأت معه في التلفزيون من خلال «مواسم خير»، ثم حلقة من «حرّيف وظريف»، فمجموعة من حلقات «طالبين القرب». ويقول: «يومها لم تكن معروفة بعد، ولم تكن قد شاركت بعد في أعمال سوريّة مع دريد لحّام».
وتبقى الخماسيّة الأولى «وحيدة» التي تدور أحداثها حول ابنة عائلة ثريّة، حصلت على المال والثروة، وحرمت الحنان العائلي. يختصرها نجّار بأنها «مشكلة الأهل الذين استبدلوا الحنان العائلي بالمال». وفي سياق الأحداث، يظهر تحرّيّ خاص، حلم والده المحامي الكبير، بأن يكمل المسيرة من بعده، فأجبره على دراسة الحقوق، قبل أن يعمل في مكتبه. غير أن الشاب سرعان ما يكتشف شغفه بالعمل كمحقق خاص».
لن يكتفي نجّار بالخماسيّات الثلاث، التي يعرضها تلفزيون «المستقبل» في مطلع تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل، فلديه أيضاً مجموعة أخرى من الخماسيّات، بينها: «وجه السعد» التي ترتبط بالعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز (يوليو) 2006، وترصد قصة أشخاص يعيشون في البقاع، أصيبوا خلال القصف «الإسرائيلي» لأحد المعامل. إضافةً إلى قصة «رفقة مهد» التي تضيء على حياة فتاتين توأم، يراوح عمرهما بين ثلاثة أعوام وخمسة أعوام. هنا، يكشف نجّار أن هاتين الخماسيتين مؤجّلتان حاليّاً، لتكون أولويته الممثل بديع أبو شقرا، وبعد الانتهاء من «خادمة القصر»، تنطلق عجلة تصوير مسلسل «مؤبّد». وفي وقت لاحق، يصوّر مسلسل «ساعة التخلّي»، العمل الدرامي الذي يقع في 15 حلقة أيضاً، ويصفه بأنه «ذو طابع ملحمي، مفضّلاً عدم ذكر أي تفاصيل عنه، بانتظار الوقت المناسب». وبهذا العمل، يكون قد أنهى جولته الأولى مع تلفزيون «المستقبل»، بعدما وقّع عقداً مع إدارة المحطة على كتابة 45 ساعة دراميّة.


عَ الحلوة... والمرّة
رسم مروان نجار خريطة أعماله للمرحلة المقبلة، وهي مؤلّفة من ثلاث خماسيّات ضمن مجموعة «مفقودين»، ومسلسل «مؤبّد» ومسلسل «ساعة التخلي». ومع ذلك، لم يُسقط مشروعاً كوميديّاً تلفزيونيّاً وشيكاً من حساباته. فقبل أيّام، كانت المخرجة ليليان البستاني، تستعد لتصوير حلقة تجريبية من مسلسل كوميدي، تكتمت عن تفاصيلها. ولم يكشف نجّار أي معلومة إضافيّة، «لأن المسألة لا تزال داخل المكتب، ولم تتحول بعد إلى مشروع جدي». وليس بعيداً عن أجواء «طالبين القرب»، اقترب موعد تنفيذ مجموعته الجديدة «رفقة درب»، وهو المشروع المؤجل منذ أكثر من خمس سنوات. إلاّ أن نجّار أدرك اليوم أن العنوان يبدو مركّباً ولم يعد مدرجاً في قاموس الناس اليومي، فهم يألفون عبارة «طالبين القرب»، لكنهم يستغربون «رفقة درب». من هنا، تم تطوير المشروع وتحوّل عنوانه إلى «عالحلوة والمرة»، من دون أن يتم حسم أمر القناة التي ستعرضه. وهو أسند إلى إميل عوّاد مهمة تلحين الكلمات التي كتبها بنفسه:
«عالحلوة والمرة مبنيّة رفقتنا/ عالحلوة والمرّة رسيت علاقتنا/ يا منفترق يا منتفق عالحلوة».
ويكشف أن المشروع الذي لا يزال في المطبخ، له طابع إنساني يحمل الدراما والكوميديا.
وماذا عن المسرح؟ يبدو أن مروان نجّار، يؤجّل الحديث عن مشروع مسرحي قريب، بسبب الظروف الأمنيّة التي تمر بها البلاد. وهنا، يتذكر كيف كان يُسأل عن المبالغ التي حصدها من مسرحيات، توزعت بطولتها بين بيار شمعون وطوني مهنا وجورج دياب، و«لكنني لم أسأل مرّة كم خسرت بسبب الظروف التي اضطرتني إلى إيقاف أعمال عدة».