خالد صاغيةعند الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم الثلاثاء الواقع فيه السادس من أيّار عام 2008، خرج المواطن غازي العريضي وتلا أمام اللبنانيين بياناً. كان وجهه شاحباً، ولم يكن النعاس وحده سبب هذا الشحوب. كان يعلم، على الأرجح، أنّ ما كُلِّف بتلاوته ليس إلا إعلان حرب أهليّة.
قد يجد المرء، إن أراد، تسويغات عديدة لما صدر عن مجلس الوزراء من قرارات في تلك الليلة. وقد تأخذه سذاجته إلى حدّ ربطها ببناء دولة المؤسّسات، في اللحظة نفسها التي تعيش فيها الطوائف كافة حالة تقوقع وخوف من أخواتها. لكنّ هذه التسويغات لن تخفي حقيقة واحدة: إنّ من اتّخذ هذه القرارات، اتّخذ في الوقت عينه قراراً بإشعال البلاد.
والواقع أنّ مجلس الوزراء مكوّن جزئياً من مجموعة كومبارس لا خبرة لهم في الحقل السياسي، شاءت الصدفة التاريخية أن تضعهم في مناصب حسّاسة في لحظات عصيبة. أمّا الجزء الآخر، فمؤلّف من مندوبين لأمراء حرب أهليّة سابقين. نفهم تماماً أن ينفّذ المندوبون أوامر زعمائهم الذين ينتابهم الحنين للزمن الماضي، فيصرّون على اتّخاذ قرارات حربيّة. أمّا الآخرون، فليس واضحاً كيف يكملون انحدارهم بخفّة من «الأوادميّة» إلى الغباء، ومن الغباء البريء إلى الغباء المؤذي.
السلطة في يد هؤلاء «بتجرح». أمّا الدماء التي بدأت تسيل، فستجعل من الصعب عليهم النظر في المرآة ورؤية أنفسهم.