عثمان تزغارتوعن الضجة الإعلامية التي أثيرت إثر الإعلان عن تشكيلة رسمية غير مكتملة خلال المؤتمر الصحافي السنوي للمهرجان، حيث تأخر الكشف عن بقية الأفلام، بما فيها فيلم الافتتاح («العمى» لفيرناندو ميريليس) والختام («ما الذي حدث للتو» لباري ليفنسون)، يوضح جاكوب: «السبب الحقيقي يكمن في كون تييري فريمون ــــ منذ تولّيه منصب المفوّض العام للمهرجان ــــ اعتاد العمل بتريّث، وعدم التسرّع في اتخاذ القرارات النهائية، كي تكون البرمجة الرسمية مرآة للسينما العالميّة، وتعبّر عنها بأكبر قدر من الصدقية والأمانة. وليست هذه المرة الأولى التي يعطي فيها فريق المهرجان لنفسه مهلةً إضافية لاستكمال البرنامج».
أما عن انخفاض عدد الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، فيوضح جاكوب أنّه طلب من فريمون خفض عدد الأفلام، «بعدما لمسنا في السنوات الأخيرة أن العديد من الأفلام المشاركة لا تجد ما تستحقه من اهتمام من النقّاد ووسائل الإعلام، بسبب عدم توافر مساحات كافية في الصحف لتناولها، أو لأنّ النقّاد لم يجدوا الوقت الكافي لمشاهدتها». أي إن هذا القرار ليس انعكاساً لأزمة، أو نتيجة شحّ في عدد الأفلام المرشّحة للمهرجان: «لقد شاهدنا 1792 شريطاً روائياً طويلاً من 96 دولة. بل هو توجّه نابع من رغبتنا في المراهنة على النوعية لا على الكمّ».
وعن الغياب شبه الكامل للسينما الأفريقية والحضور الخجول لنظيرتها العربية، يقول جاكوب: «إذا استثنينا احتمال حدوث تقصير من فريق المهرجان، وهذا مستبعد برأيي، فإن الأمر يعكس وجود أزمة كبيرة في سينما دول الجنوب. وهذا أمر مقلق، فالسينما الأفريقية تواجه مصاعب خانقة، وهذا ما يفسّر غيابها الكامل عن هذه الدورة. أما بالنسبة إلى العالم العربي، ففريق المهرجان لم يجد مبتغاه في الأفلام التي عُرضت عليه. ولا شك في أن هنالك أزمة في السينما العربية حالياً. حتى على صعيد الكم، فإن عدد الأفلام التي وصلتنا ضئيل جداً. وبالطبع، حين يكون العدد ضئيلاً تكون حظوظ العثور على أفلام مخوّلة دخول المسابقة الرسمية محدودة جداً».
ماذا يمكن لمهرجان مثل «كان»، الذي يُعدّ واجهة السينما العالمية، أن يقدّمه إذاً لسينمائيي الجنوب، بهدف مساعدتهم على تخطّي الأزمات التي تعترض إنجاز أفلامهم؟ يجيب جاكوب: «المهرجان يسعى إلى عرض أفلام هؤلاء المخرجين. وهذه مهمته الأولى. ونحن نقوم أيضاً بتوجيه الدعوة إلى عدد من السينمائيين الشباب في هذه الدول للحضور، وبالتالي الاحتكاك مع سينمائيين ومنتجين من مختلف الدول، بما من شأنه أن يفتح أمامهم فرص الإنتاج المشترك، ويسهّل عليهم إيجاد مموّلين يتبنّون مشاريعهم. وهذا ما يفعله المهرجان عبر تعاون وثيق مع «صندوق الجنوب» الذي يُعنى بدعم سينما دول الجنوب ويتمتّع بحضور كبير في «كان». مع ذلك، نعي تماماً وجود حاجة ماسة إلى مضاعفة الجهود وتنويع المبادرات في هذا الشأن».
ويضيف: «لقد أدى «صندوق الجنوب» دوراً بارزاً في النصف الأول من التسعينيات عبر دعم إنتاج وتوزيع أفلام بارزة من أفريقيا والعالم العربي، وبعضها نال جوائز هنا في «كان» مثل «حيفا» للفلسطيني رشيد مشهراوي، و«حومة باب الواد» للجزائري مرزاق علواش، و«صمت القصور» للتونسية مفيدة التلاتلي. لكن تلك الفورة الواعدة سرعان ما خمدت، ولم نعد نرى أفلاماً بهذا المستوى منذ عشرة أعوام». ولدى سؤاله عن السبب برأيه، يسارع إلى القول: «أعتقد أنّ هذا السؤال يجب أن يُطرح على السينمائيين العرب، لمعرفة سبب تراجع تلك التجربة التي كانت مثمرة وواعدة. من جهتنا، سنتابع عن كثب ما ستتضمنه التظاهرات الموازية في «كان»، لنرى إذا كانت هناك أفلام من العالم العربي وأفريقيا، أو سينمائيّون جدد جديرين بالاهتمام والمتابعة. هكذا سنكشف إذا كان التقصير من إدارة المهرجان، فيما يتعلق باحتضان أفلام عربية في المسابقة الرسمية والبرمجة الموازية. كما سنعود إلى ما قُدّم في المهرجانات الأخرى، لنرى إذا كانت السينما العربية قد سجّلت حضوراً أكبر فيها. هل تذكرون مثلاً إن كانت هنالك أفلام عربية في مهرجان برلين الأخير؟» نجيبه بأنّه كانت هناك ثلاثة أفلام مشاركة. فيقول: «هذا يعني أن مهرجان برلين كان أفضل منّا وأكثر توفيقاً في أداء مهمّته»!