بدعوة من «المركز الثقافي الألماني»، حضرت إلى لبنان مطلع الأسبوع الجاري فرقة موسيقية ألمانية لإحياء خمس أمسيات في عدّة مناطق بدءاً من بيروت. تتألف الفرقة من الثلاثي دنيال آغي (فلوت)، نيكلاس زايدل (تشيلّو) وكريستوف شتوبر (بيانو). أما سلسلة الأمسيات التي بدأتها الثلاثاء الماضي فحملت اسم Hands في إشارةٍ إلى المجموعة الأساسية التي ينتمي إليها الثلاثي المذكور وهي Hand Werk.
في نظرة سريعة على البرنامج، نرى أن توجّه الفرق هو كلاسيكي معاصر. لذا، فالكتابة عن هذا النوع من الأمسيات تتطّلب بعض الدقّة في استخدام العبارات التي تصفها، لإعطاء صورة واضحة للقرّاء. بخلاف القرون السابقة (بدءاً من الوُسطى وصولاً إلى النصف الأول من التاسع عشر)، لم تعد الموسيقى الكلاسيكية اليوم ذات ملامح موحّدة، بعد دخولها عصر التشعّبات مطلع القرن الماضي. نجد حالياً مؤلفاً يكتب موسيقى كلاسيكية محافظة أو نيو-كلاسيكية أو تجريدية أو تجريبية أو معاصرة بحدود… وهذه التيارات، بعضها متقارب وبعضها لا يمتّ إلى الباقي بصِلَة وقد تجتمع كلّياً أو جزئياً عند مؤلف واحد. من هنا، على من يودّ حضور أمسيتها الأخيرة الليلة في «جامعة البلمند» (شمال لبنان) أن يعلم مسبقاً أن نَفَس المؤلفين الذين تؤدي الفرقة أعمالهم هو معاصر، ويتراوح بين المعتدِل والتجريبي الراديكالي. صحيح أن آلات الثلاثي تقليدية، غير أن استخدامها لن يكون ــ في جزءٍ منه ــ مألوفاً. أضِف إلى ذلك أحياناً توظيفاً للصوت البشري بأسلوب خاص، ولجوءاً إلى أغراض من الحياة اليومية بغية استصدار أصواتٍ غريبة. الصورة هذه قد تستهوي بعضهم أو قد تنفّر بعضهم الآخر أو ربما تثير فضول من يهمّه الاطلاع على هذا النمط، بصرف النظر عن إعجابه به أو نفوره منه.
يتألف برنامج الفرقة من سبع مقطوعات لمؤلفين من ألمانيا وأميركا، بالإضافة إلى اللبناني إيليا كوسا (1978)، جميعهم ما زالوا على قيد الحياة، عميدهم الألماني نيقولاوس هوبر (76 عاماً) وأصغرهم الأميركية جيسّي مورينو (1984). أمّا أشهرهم فهو مايكل غوردن (1956)، صاحب واحد من أكثر المشاريع الموسيقية المعاصرة جدّية (مع زوجته جوليا وولف وصديقهما دايفد لانغ)، ومشروعه يتطلّب ملفاً خاصةً لإعطائه حقّه.