محمد عبد الرحمنولكن لماذا تقف هذه الصحف اليوم ضدّ الرئيس الأميركي؟ الجواب ببساطة يعود إلى أن العلاقة بين الحكومتين اليوم ليست على ما يرام (وخصوصاً بسبب اعتراض أميركا على قمع النظام المصري للحريات في البلاد، وتهميش إدارة بوش للدور المصري في المنطقة لمصلحة الدور السعودي...). بالتالي، لا يمكن السماح لأي رئيس بأن يقول لمنى الشاذلي إن «الديموقراطية في مصر تسير خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء»، وإنه «يتفهم عدم الترحيب بتدخل دول أخرى في شؤون أي دولة. لكن دور أميركا هو مساعدة الديموقراطية في العالم، وخصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر». والمعروف أن أميركا هي الصوت الوحيد حتى الآن الذي يطالب بالإفراج عن أيمن نور، زعيم حزب «الغد». ما يجعل موقف نور نفسه عصيباً، لكون الصحف الحكومية تظهر طلب الإفراج عنه بأنه رغبة أميركية لا «مصرية شعبية». لذا، ترى أنه لا داعي إلى استضافة الرئيس الأميركي الآن.
لكن الشاذلي فعلتها، وقالت إن «دريم» تحملت نفقات الرحلة بالكامل، وإن الأميركيين لا يدفعون مقابل ظهور رؤسائهم على الشاشات العربية. غير أن إحدى الصحف الرافضة للحوار («روز اليوسف»)، أطلقت حملة ضد وزير الإعلام المصري أنس الفقي، متنقدة عدم مراقبته نشاط الفضائيات الخاصة في مصر. بل حتى إنها نشرت تقريراً عن مشاركة اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري في رأس مال قناة «دريم». ما دفع بأحمد أنيس، المسؤول عن الاتحاد إلى إطلاق تصريحات نفي عبر وكالة الشرق الأوسط. ومع ذلك، لم تتراجع الصحيفة، متهمة الشاذلي بـ «الجهل والكذب»، لأنها أعلنت أن طلب الحوار لم يرتبط بزيارة بوش للمنطقة، علماً أن موعد الزيارة معروف منذ كانون الثاني (يناير) الماضي.
لكن ماذا عن رأي الناس في «صراع الديوك الإعلامي»؟ صدقية الصحف الحكومية لم تعد كما كانت قبل سنوات، بالتالي لا يزال تأثير حملاتها ضعيفاً. كما أن المشاهد المصري العادي لن يهتم بأن يرى جورج بوش عشر دقائق. من هنا، لفت الحوار الأنظار صوب قناة «دريم»، لكنه لم يزد من شعبية البرنامج الجيدة أصلاً بسبب اهتمامه بالشأن المصري المحلي. ووسط كل هذا السجال، لم يبقَ من تصريحات بوش إلا إجابته عن آخر سؤال عندما قال إن «التاريخ سيذكر له أنه أدرك الخطر الذي يحدق بمنطقة الشرق الأوسط، وأن كل ما فعله طيلة ثماني سنوات هو العمل على مواجهة هذا الخطر»!