ليال حدادحظّ «تلفزيون لبنان» عاثر... في كل مرة تظهر فيها بوادر انفراج صغير في تلك المؤسسة الوطنية، تعود المشاكل لتطفو على السطح. أخيراً، صدرت مذكّرة إدارية تقضي بتجميد موّقت لبرامج «تلفزيون لبنان» ـ باسثتناء نشرات الأخبار ـ ريثما تهدأ الأوضاع. إلا أنّ المعارك انتهت، ولا يزال الموظّفون المتعاونون مع التلفزيون (Freelancers)، في منازلهم ينتظرون الفرج، أي صدور مذكرة إدارية أخرى تعيدهم إلى أعمالهم.
أكثر من عشرة برامج توقّفت، ولم تعد إلى البثّ لأسباب مجهولة. ما استفزّ عدداً من العاملين فيها، مطالبين بإعادتهم إلى عملهم، «لأننا نعمل كفاف يومنا» يقول أحدهم. ويضيف موضحاً: «يقولون إنّ الهدف هو استبدال برامجنا بأخرى، تلائم الجوّ العام، وتحاكي اهتمامات المشاهد في هذه الأوضاع. ولكن مَن يشاهد التلفزيون يدرك أن ذلك القرار ليس صائباً. ذلك أن الموسيقى الكلاسيكية، وبرامج الأرشيف التي فاق عمرها عشرات السنوات، ليست أفضل من تلك التي كنّا نقدمها... لقد استغلوا فرصة الأحداث الأمنية للتخلّص منّا، بحجة الخوف على حياتنا وتوفير النقلات الخطرة علينا». ومن بين البرامج التي توقّفت: «صباح الخير يا لبنان»، و«الخط الساخن»، و«أطفال دوت هوم»، و«التلفزيون كان هناك»، و«تيلي كلينيك».
أكثر من خمسين عائلة إذاً تنتظر مذكّرة، لن تصدر كما يؤكّد رئيس مجلس إدارة «تلفزيون لبنان» إبراهيم الخوري. إذ أوضح في اتصال مع «الأخبار»: «مع صدور المذكّرة القاضية بوقف بث البرامج، اغتنمت الفرصة لإجراء تحسينات. ذلك أن بعض هذه البرامج أصبح مع الوقت مادةً مكررةً لا تجذب المعلنين. وبالتالي هذه هي الفرصة المناسبة للنهوض بالتلفزيون». وما هو مصير هؤلاء الأشخاص إذاً؟ «فليبحثوا عن رزقهم في مؤسسة أخرى، أو فليأتوني بأفكار جديدة» يجيب الخوري.
لكن مشكلة وقف البرامج ليست الوحيدة التي يعانيها تلفزيون لبنان. وبعدما تردّد في الكواليس عن تعيينات جديدة في المحطة الرسمية عبر استحداث دوائر لم تكن موجودة لتشغلها طائفة واحدة هو غير صحيح، ونفي الخوري لاحقاً للخبر... أكد مصدر مقرب من التلفزيون أن ما كان «سيحدث بالجملة، جرى لاحقاً «بالمفرّق»... إذ صدرت مذكرات تقضي بتعيين مدير جديد للإدارة ومدير جديد للبرامج، ومن المنتظر أن تكر السبحة ولكن بهدوء كي لا يلاحظ أحد».
في الإطار نفسه، يتحدث متابعون عن موظفين في التلفزيون، يتقاضون معاشاتهم من دون أن يحضروا إلى المحطة، علماً أن بينهم من يعمل في مؤسسات إعلامية أخرى. كما يشير مصدر إلى أن بعض هؤلاء، وتفادياً لـ «القيل والقال»، بات يسجّل حضوره لساعات قليلة، من دون أن يحرّك أحد من المعنيين ساكناً.
ولا تقف المشاكل عند هذا الحدّ. إذ بدأ يتردّد في أروقة التلفزيون أنّ أسماءً مهمّة وقديمة قد «تطير من منصبها قريباً»، لأن رئيس مجلس الإدارة غير راضٍ عنها. وهو ما نفاه الخوري جملة وتفصيلاً: «هذه فقط شائعات تريد ضرب التلفزيون. الموظّفون الثابتون، الذين يصل عددهم إلى 175، باقون لأن العمل في ما بينهم ممتاز».
وبعيداً عن الأقاويل، يبدو أن مشاكل تلفزيون لبنان لن تنتهي في القريب العاجل. ولم يبقَ أمام أولئك الذين «قُطع باب رزقهم بحجة الأوضاع الأمنية»، سوى صرخة لوزير الإعلام غازي العريضي، متسائلين ما إذا كان على علم بما جرى معهم، وإن كان قد وافق على خراب بيوتهم؟


زافين... طائفيٌّ وأكثر

ديما شريف
لم يضيِّع زافين قيومجيان وقتَه... بعد أسبوع على إعلانه في الاعتصام الذي رافق إقفال وسائل الإعلام التابعة لتيار «المستقبل»، أنه بات «منذ اليوم طائفياً»، برهن ذلك مساء السبت في «سيرة وانفتحت». الحلقة التي قدّمت على الهواء مباشرةً، استقبلت أعضاءً من اتحاد المقعدين اللبنانيين الذين اعتصموا الجمعة على مدخل مطار رفيق الحريري الدولي، ليطلبوا من المسؤولين اللبنانيين ألا يعودوا إلى البلاد ما لم يتوصّلوا إلى اتفاق. وكانت الحلقة في المبدأ تسعى إلى «تضميد الجراح بعد اشتباكات بيروت الأخيرة»، لكنها تحوّلت إلى منصة شتائم مذهبية. صبّت الاتصالات كلها في اتجاه واحد. وهو المسار الذي كان زافين يدير البرنامج نحوه، أي لوم طرف دون آخر على ما حدث: هنا، متصلة تهنئ سحر الخطيب على مداخلتها في برنامج «كلام الناس»، وأخرى تستنتج من الأشرفية أن من اقتحم «منطقتها» وهجم على السفارة الدنماركية في 5 شباط 2007 «لم يكونوا السُنّة الحقيقيين، لأنهم لا يتصرفون بهذه الطريقة»! وبين هذه وتلك، لم تستطع مداخلات أعضاء الاتحاد، والداعية إلى التهدئة، أن تغيّر مجرى الحلقة. وحين اعترض الزميل فؤاد بدران ـ أحد المشاركين ـ على المستوى الذي آل إليه النقاش، معرباً عن ندمه على المشاركة فيه، طلب منه زافين وبعصبية الخروج إذا لم يعجبه مسار الحلقة. وهذا ما فعله بدران على الهواء مباشرةً.
هكذا، ابتعد زافين عن دور الإعلامي ليصبح طرفاً في السجال، وهو نهج بدأ يتكرّس في برامج «المستقبل» بعد العودة إلى البثّ.
وعندما قالت رئيسة اتحاد المقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيس إن الأحداث الأخيرة أكدت وجود السلاح في كل المناطق، قاطعها قيومجيان لـ“يصحح لها معلوماتها”، قائلاً إن الناس اكتشفوا بعد الأحداث الأخيرة أنّ هناك سلاحاً منظّماً وآخر فردياً.
ووصلت حفلة الطبل والزمر الطائفية إلى ذروتها، حين استقبل زافين في نهاية الحلقة مراهقاً قادماً من سعدنايل. هذا الأخير أصر على القدوم، وهاتف زافين مرات عدة كي يظهر على الشاشة. لماذا؟ لأنه يريد إعلان رغبته في عدم إلقاء التحية على صديقه الشيعي إذا رآه في الشارع، وأنه لن يساعده في الامتحانات المدرسية بل سيعطيه الأجوبة الخطأ. وعندما أعلن ندمه لأنه لم يحمل السلاح في الأحداث الأخيرة، ردّ زافين بتأثر شديد: «يا ريتني متت وما سمعت يللي قالو»!