راجانا حميةهذه ليست الدراسة الأولى التي تطلقها مؤسّسة “كومتراكس، comtrax solution”. وهي مؤسسة لبنانية مستقلّة، كما يعرّف عنها مديرها جهاد بيطار، “تتخصّص في الرصد الإعلامي يعمل فيها حوالى 20 اختصاصياً في مجالاتٍ عدةّ، منها العلوم السياسيّة والإعلام وغيرها”... لكنها المرة الأولى التي تعمد فيها المؤسسة إلى توزيع دراستها الأخيرة على وسائل الإعلام. وهي دراسة تقارن بين تغطية 3 محطات إخبارية (“الجزيرة”، “العربية” و“بي بي سي العربية”) للاجتماع الموسع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة للعراق الذي عقد في الكويت في 22 نيسان (أبريل) الماضي، و“مؤتمر أصدقاء لبنان” الذي عقد على هامشه، واستطراداً مع الملف اللبناني برمته، علماً بأن الدراسة اتخذت من نشرات الساعة الثامنة مساءً بتوقيت غرينيتش، يوم انعقاد مؤتمر الكويت، معياراً قياسياً لها. وقد لوحظ الاختلاف في مضمون المقدّمات الثلاث تبعاً للتوجّهات السياسيّة لكلّ محطّة إخباريّة. ولأن لبنان كان ثانياً في أحداثه بعد العراق، حلّ مؤتمر “جوار العراق” أوّل في مقدمتي نشرتي أخبار “بي بي سي” و“العربيّة” المسائيتين آنذاك، مستحوذاً على مدّةٍ فاقت 24,6 في المئة في الأولى، مقابل 13,2 في المئة في الأخرى، فيما اختارت قناة «الجزيرة» البدء بـ«أصدقاء لبنان»، وقد بلغت النسبة 17,8 في المئة مقابل 13,7 في المئة لـ«جوار العراق». وقد تناست «بي بي سي العربيّة» الشأن اللبناني، فعرضت موضوعات عدّة مثل انتخابات الرئاسة الأميركيّة وحصار غزّة وملف السودان قبل أن تصل إليه في نهاية مقدّمتها وجولتها الخبريّة.
وفي تحليلها لمضمون تغطية المحطات الثلاث لمؤتمر جوار العراق، بيّنت دراسة «كومتراكس» أن «بي بي سي» لم تكن وحدها التي أشادت بجهود الحكومة العراقية ورئيسها نوري المالكي. «الجزيرة» أيضاً ركّزت في مقدّمة الشقّ العراقي من نشرتها على الإشادة بدور المالكي «الإيجابي»، وكذلك فعلت «العربيّة»، مع إظهار الدعم المطلق لحكومته.
وفي الشقّ اللبناني، كانت «الجزيرة» الوحيدة التي بحثت الموضوع من مختلف جوانبه، فعرضت تفصيلياً تحت عنوان «جملة تحركات بغياب الفاعلين» غياب سوريا وإيران عن المؤتمر، إضافة إلى امتناع وزير الخارجية السوري وليد المعلم من حضور الاجتماع، فخصّصت للموقف حيّزاً لافتاً. كذلك عملت على إبراز رأي الجهة المقابلة من خلال استضافة الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي للدفاع عن موقف الأمين العام عمرو موسى ومشاركته في المؤتمر، بعد انتقاد المعلم له.
في المقابل، عملت «العربية» على جانبٍ واحد، كأنّ المؤتمر يتعلق بـ«السلطة فقط من دون المعارضة». وفي ما خصّ «مؤتمر أصدقاء لبنان»، أوردت نشرة «العربية» تصريح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ودعوته نظيره السوري وليد المعلم إلى حضور المؤتمر ورفض المعلم ذلك، مع صورة لكوشنير بحجم الشاشة. وركزت النشرة على معارضة سوريا «مؤتمر أصدقاء لبنان»، بلسان المعلّم. من جهتها، لم تتطرق نشرة «بي بي سي» لـ«مؤتمر أصدقاء لبنان» إلا بشكل سريع وهامشي.
يذكر أنّ «كومتراكس» تستعد لإصدار دراسةٍ أخرى محورها «لبنان في الدوحة»، ستتطرّق إلى تحليل مضمون الإعلام اللبناني خصوصاً والعربي عموماً في ما خصّ جلسات «الحوار الوطني» الذي يعُقد في العاصمة القطريّة. وتتناول الدراسة صحف «الأخبار» و«السفير» و«النهار» و«الديار» و«المستقبل»، والقنوات التلفزيونيّة اللبنانية، و«الجزيرة» و«العربية» و«بي بي سي».