في 22 كانون الأوّل (ديسمبر) 2014، نشرت الـ«غارديان» مقالاً يتحدّث عن «تفوّق القنوات الروسية والصينية على تلك الأوروبية». واستشهدت الصحيفة البريطانية بكلام عضو البرلمان البريطاني جون ويتنغدايل، الذي اعترف بأنّه «نعم، تتفوّق علينا القنوات الروسية والصينية في حرب المعلومات»، وبتأكيد بيتر هوروكس، الرئيس السابق لشبكة «بي. بي. سي.» أنّه «إذا ما بقينا على هذا المنوال، فنحن سنخسر الحرب. راقبوا مثلاً كم ننفق على المعدات العسكرية مقارنةً بما نصرفه على الإعلام».
إنّها الحرب الإعلامية إذاً التي تُنفق الدول مليارات الدولارت للفوز بها، فيما تخوض القنوات الأوروبية حرباً شعواء على مثيلاتها الآتية من «الشرق»، وخصوصاً روسيا والصين.
هذا الكلام ليس جديداً بالطبع، لكن الجديد واللافت في الوقت نفسه هو نزول رجل الأعمال المصري الشهير نجيب ساويرس إلى أرض المعركة. يوم الجمعة الماضي، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «أوراسكوم للاتصالات والإعلام» نيّته شراء غالبية الأسهم في قناة «يورونيوز» التلفزيونية، على أن تكون حصّته 53 في المئة، عبر ضخ أكثر من 39 مليون دولار أميركي.
ووعد ساويرس الذي اشتهر بمعارضته للإخوان المسلمين بـ «عدم التدخل في السياسية التحريرية» للمحطة التي تتخذ من فرنسا مقرّاً لها، معتبراً أنّ «تطوير القناة والرفع من مستواها من دون المساس باستقلاليّتها ووقوفها في الوسط يشكّلان تحدياً»، مشيراً إلى أنّ نجاحها يكمن في «تسليط الضوء على وجهات النظر كافة.
استحوذ على 53 في المئة من أسهم القناة
إبراز رأي واحد، أو التدخّل لمنع بعض الآراء، يفقد المؤسسة احترامها وصدقيّتها»، وفق ما ذكرت الـ«غارديان». ونقلت عن رجل الأعمال الذي تُقدّر صحيفة «فوربس» ثروته بـ3.4 مليار دولار قوله إنّ القناة «ستقاوم ضغوط الأنظمة القمعية» والسياسيين الأوروبيين الذين يطالبون المؤسسات الإعلامية الغربية بتشكيل قوة مضادة في وجه قناة «روسيا اليوم».
وخلال مداخلة هاتفية أجراها ضمن برنامج «هنا العاصمة» مع لميس الحديدي عبر «سي. بي. سي.»، شدد حوت الإعلام المصري على أنّه يريد من خلال هذه الصفقة التي استغرقت سنة كاملة «توصيل صوت مصر إلى أي مكان في الخارج».
من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لـ«يورونيوز» مايكل بيترز أنّ «بعض الأوروبيين يريدوننا أن نكون أداة أوروبية للقوّة الناعمة. على سبيل المثال، لدينا مشكلة مع بعضهم ممن يريدون من النسخة الروسية من «يورونيوز» أن تعكس البروباغندا الأوروبية».
وتهدف هذه الخطوة الجديدة بحسب ساويرس وبيترز إلى المساعدة على تعزيز خطة التنوّع التي قدّمها الأخير، والرامية إلى «إطلاق محطات جديدة مثل «أفريكا نيوز» التي وُلدت حديثاً، إضافة إلى تطوير التكنولوجيا والمحتوى الصحافي لبلوغ الجمهور عبر أجهزة جديدة ومواقع التواصل الاجتماعي». من هذا المنطلق، لفت بيترز إلى أنّه سيكون بمقدور «يورونيوز» التي لا تزيد ميزانيتها عن حوالى 84 مليون دولار منافسة مؤسسات عملاقة مثل «سي. أن. أن.» و«بي. بي. سي.» بشكل فاعل: «باختصار، هذا المشروع يتعلّق بقدرتنا على معرفة ما سيحصل خلال السنتين أو الثلاث المقبلة. علينا تعزيز المحطة». ما زال من المبكر معرفة نتائج استحواذ نجيب ساويرس على النسبة الكبرى من الأسهم في «يورونيوز»، فلننتظر ونرَ!