محمد خيرعندما سمعت زوجة أسقف ورستر في القرن التاسع عشر هذا الكلام الغريب، علّقت قائلة «لنأمل ألا يكون ذلك صحيحاً، أما إذا كان كذلك فلندعُ إلى الله ألا يعرفه الجميع». أما سبب صدمتها، فكان جملةً في كتاب داروين «أصل الإنسان» (1871) الذي نشر بعد 12 عاماً من كتابه «في أصل الأنواع بطريق الانتخاب الطبيعي».الكتابان المعقدان لم يعرف العامة شيئاً عن النظريات التي احتوياها. وعندما عرفوا، لخّصوها في عبارة «الإنسان أصله قرد»، ضاربين بعُرض الحائط نظرية التطور والانتخاب الطبيعي مروراً بتفرّع السلالات والنزول من الأشجار إلى الأرض، وانتصاب القامة فالتحوّل إلى الحركة على القدمين. هذا التحوّل هو ما أدى بصورة مباشرة ولو على المدى البعيد إلى أشياء مثل «الكاماسوترا» أو كتاب «متعة الجنس» الذي وضعه أليكس كوموفرت في نهاية السبعينيات، وفقاً لما تقول ري تاناهيل في كتابها «قصة الجنس عبر التاريخ» الذي صدر جزؤه الأول عن «دار ميريت» في القاهرة.
لماذا تعدّ المرأة الكائن الوحيد ــــ هناك أيضاً نوع وحيد من العناكب ــــ لها قابلية التعرّض فيزيولوجياً للاغتصاب؟ ما علاقة «الأورغازم» بنظرية التطور؟ هل كانت المجتمعات ذكورية حكماً؟ وهل كان تعرّض المرأة للقمع أمراً جبرياً؟ متى اكتشف الرجل أنه شريك في عملية الإنجاب؟ وما تأثير ذلك على علاقته بالمرأة؟ وهل ينفرد الإنسان بالمتعة الجنسية بخلاف دورها الغريزي؟ ماذا عن المثليّة؟ هل كانت محرّمة في كل الحضارات؟ ولماذا تحوّل الزنا إلى شأن عام في عهد الإمبراطورية الرومانية؟ وما سر ارتباط الجنس بالخطيئة لدى الكنيسة المسيحية؟ وهل كان «الحب العذري» مجرد لعبة عربية ذكورية تهدف إلى «إشباع المشاعر الذكورية المتثاقفة»؟
الأسئلة السابقة عيّنة بسيطة جداً، من كتاب موسوعي يرحل بقارئه من بداية التاريخ وصولاً إلى الدولة الإسلامية أيام ازدهارها، مروراً بمصر الفرعونية فاليونان وروما، الصين والهند بما تحملان من غنى بين الطاو والكارما، مدعمّاً بكم هائل من المراجع، وترجمة سلسة ودقيقة لإيهاب عبد الحميد ومساحات تماس واسعة بين الجنس والتاريخ، إلى درجة كانت لتُفرح فرويد لو كان حياً. ويُنتظر أن يصدر الجزء الثاني من ترجمة الكتاب خلال أشهر.