موسم بعد آخر، يكرّس المصمّمون اللبنانيّون مكانتهم في عواصم الأناقة العالمية: في لندن، صفَّق ذوّاقة الموضة بحرارة
لمجموعة غارن دمرجيان. وفي روما، دعت رندا سلمون الحضور
إلى اكتشاف جواهر الصحراء

فاطمة داوود

قد لا تعرف الصحافة العربية الكثير عن المصمّم اللبناني غارن دمرجيان. لكنه حاضرٌ، وبقوة، على صفحات الـ«تلغراف» والـ«تايمز» و«فوغ» و«ستايل» التي تقدّر هذه الموهبة الفتيّة في عالم الأزياء العالمية حقّ تقدير.
المصمّم ذو الثلاثين عاماً، تمكّن بذكاء من أن يرسم خطّه الفريد حتى أسّس الماركة الشهيرة «غاردم» Gardem التي جالت عواصم المدن الأميركية والأوروبية بسرعة قياسة. وقد كرّس حضوره خلال أسبوع الموضة في لندن.
ولعلّ أحد أبرز أسرار النجاح لديه يكمن في اتجاهه المفرط نحو الأقمشة الناعمة والمنسدلة كـ «الجورسيه»، وعشقه لتقديم توليفة غريبة وجذّابة سواء في القصّات الانسيابية والعشوائية في آن. فإذا به يثير الفضول كلّ مرةّ يطرح فيها أفكاره لموسم صيفي جديد.
في المجموعة الأخيرة لربيع وصيف 2008، لم تشذّ تصاميمه عن القاعدة الأصلية. لكنها حملت الغرابة بجميع أشكالها وتصوّراتها. إذ أغدقت الأقمشة بكثافة حتى غطّت رؤوس العارضات، وفي أحيان كثيرة التفّت حول الأجساد لتمحو معالمها. ثم تبرز بقوّة الفساتين القصيرة ما فوق الركبة، وهي ذات القصّات المشقوقة في الأمام وعلى الجانبين، لتكشف المفاتن الجذّابة.
التصاميم تألّفت من فساتين طويلة ومستقيمة اشتدت عند الخصر أو ما فوق، وانسدلت الى الأرض باتساع طفيف في الأسفل. وقد نبتت أغصان الأشجار في عدد منها، وانتهى القسم الآخر بطبقات كثيفة من الكشكش أو عقدة كبيرة عند الخصر. الفساتين القصيرة اتخذت بغالبيتها شكل الأجران، إنما بتصاميم وقصات متنابينة. بعضها، جُمع فيه القماش دائرياً أو كيفما اتُّفق بعشوائية ملحوظة.
كل شيء بدا غريباً. وحدها الألوان جاءت كلاسيكية للغاية، فبرز الأسود والأصفر الفاهي والبيج وألوان البشرة المتدرّجة بين العاجي والأبيض والزهري البالغ الهدوء. وقد تناغم فستان الزفاف الوحيد مع روح التشكيلة الطاغي، ليحافظ على لونه الأبيض النقي مع اعتماد ياقة كبيرة وطويلة اعتلت رقبة العارضة. فيما أغرقت منطقة الصدر وحتى الوركين بالتطاريز الكثيفة ثم رصعّت بحباب اللؤلؤ و«الشواروفسكي».
وعلى رغم استقراره الدائم في باريس، ذوّاقة الأزياء الراقية يلاقونه في أسابيع الموضة ليجدوا ضالّتهم عنده علّه يحوّل أنظاره قريباً نحو بيروت كي يتعرف الجمهور العربي إلى تصاميمه المميزة.
هذا المصمّم، المولود في بيروت، انطلق منذ سنوات قليلة صوب باريس، ليؤسس عام 2002 ماركة «غاردم» العالمية. قبل ذلك، كان قد أنهى دراسته الأكاديمية للرسم والفنون في اليونان عام 1996، موطن والدته. بعدها، رجع مع عائلته إلى بيروت ليحزم أمتعته مجدداً وينطلق إلى باريس، للانتساب إلى جامعة «إيسمود» ويتخرّج عام 1999 متخصّصاً في مجال تصميم الأزياء. لم يتنظر طويلاً، قدّم عرضه الأول ليمثّل مفاجأة من العيار الثقيل، إذ اشترت المجموعة بكاملها دار «لو كلير» الباريسية. بعدها، تعاقد مع محلات تجارية ضخمة مثل «مانياك ـ طوكيو» و“براونز فوكيوس» و“ليبرتيز ـ لندن» و“ماكسيفيلدز ـ ميلان»... لتقدم وكالة «اي أو بوسّي» عام 2003 على شراء الماركة التجارية، بغية استثمارها عالمياً. والمعروف أن بوسّي، صاحب وكالة EO BOCCI، كان قد تعاقد مع أبرز صنّاع الموضة أمثال جان بول غوتييه ودرايز فان نوتان وريك أونس وآن ديميلميستير. لكن سرعان ما تلقّى غارن دمرجيان عرضاً آخر عام 2004 من رجل الأعمال المخضرم بيدي موران للعمل معاً على تطوير ماركة «غاردم». وتكلّل التعاون بينهما مع حصد غارن دمرجيان الجائزة العالمية مصمّماً للجيل الجديد في لندن عام 2005، وقد اجتاحت صوره أهم المجلات والصحف العالمية، لعلّ أبرزها ما ذكرناه أعلاه إضافةً إلى «هيرالد تريبيون» وشبكة «سي أن أن» العالمية. ثم أثبت جدارته، مع نيل الجائزة مرّة ثانية عام 2006، إنما من جانب الكليّة الملكيّة للفنون في لندن.