في مجموعة تكاد تكون عربية خالصة، قدّمت مصممة الأزياء اللبنانية رندا سلمون رؤيتها الخاصة لأزياء الـ«هوت كوتور» لربيع وصيف 2008، وقد حملت عنوان «صحارى». وفي التشكيلة التي بدت أشبه برحلة سفاري مثيرة وغريبة، حوّلت سلمون اتجاهات المرأة كلياً من الأسلوب الأوروبي نحو عالم جديد تتركزّ فيه عناصر الإبهار على ما هو شبيه ببيئتها الاجتماعية والجغرافية.في التشكلية التي عرضت في روما، حاولت سلمون أن ترسي قواعد جديدة، تواجه بها مصممي الغرب الذين آثروا في الآونة الأخيرة الاستلهام من الحضارات القديمة التي تميزت بجماليتها مثل الحضارة الإغريقية وحضارة أوروبا في العصور الوسطى. هنا، ارتأت رندا سملون أن تسير مع التيار، لكن حسب ما تراه هي مناسباً. هكذا استشفت من الشمس والرمال وجفاف الهواء عناصر بسيطة لتقدّمها بتوليفة عصرية ذات ابتكارات لافتة، محوّلة الملل القاتل وسط أجواء الصحراء إلى خطوط فنية تضجّ بالحيويّة والأنوثة. مجموعة «صحارى» المؤلفة من 38 قطعة حملت الخنجر شعاراً، وكوّنت رؤية واقعية للتناقضات والاختلاف، فجسدّت قساوة أشعة الشمس وطراوة ضوء القمر في آن. وتصف سلمون المجموعة بأنها «تشكيلة تعتبر مرآة لعالم داخلي يختلج كل امرأة حول العالم، سواء كانت شرقية أو غربية... شعب الصحاري صلب وملكيّ، وهو انعكاس لمناخ هذه المنطقة الجغرافية. بينما الرمل الطريّ يعكس أوقات ليل هادئة، ينيرها ضياء القمر. لذا، مزجتُ بين القوّة والانسيابية، وهي تعابير معنوية تؤكد حسّ الإلهام».
ولخدمة هدفها في تقديم تصاميم لائقة بأجمل النساء، سخّرت سلمون أفخر أنواع الأقمشة والمواد وطوّعتها في تصماميها. استعانت بـ«التافتا» و«الرزمير» الخاصة المشغولة يدوياً بالتطريز والتلوين والشكّ والمرسومة بألوان الحياة الربيعية كالزهري الفاتح والأزرق الصافي والأصفر الفاتح والعاجي، إضافة إلى اللونين المتناقضين الأسود والأبيض. وقد امتازت القصّات بالخطوط الهندسية المتوازنة، وتحديداً أعلى الصدر من دون استثناء لأي نوع منها، فكانت على شكل V بغالبيتها وH وY.
كما أغدق ورق الذهب (24 قيراطاً) الذي غطّى أجزاءً من الفساتين الارستوقراطية. أما التصاميم فاتخذت الأشكال المثناة من الخصر وحتى القدمين عنواناً لها، مع طغيان الأحزمة العريضة التي اشتدت عند الخصر، وقد صنعت من القماش نفسه. وتفتحت براعم الربيع على التنانير الفضفاضة حيناً والضيّقة أحياناً أخرى.
برز في المجموعة أيضاً فستان باللونين الذهبي والأسود، مع كمّين اتخذا شكل طبقتي «الدانتيل»، فيما اكتسى جسد العارضة تصميماً أشبه بمعطف غاية في الأنوثة، لم يزده جاذبية مفرطة سوى الخطوط السوداء التي بدت كوشم فريد من نوعه. كذلك تصدّر الخشبة فستان باللون الزهري الفاتح، اشتد عند الخصر حتى الوركين، ثم انسدل بانسياب إلى الأرض بشكل كشاكش من الريش الناعم، وقد ازدان بوردة كبيرة أعلى الصدر.
ولم تغفل المصممة الفساتين القصيرة، فأفردت لها مكاناً مميزاً. وتنوّعت بين التنانير القصيرة ـــــ الفضفاضة ذات الثنيات الجانبية والمستقيمة والعرضية مع تألّق بارز لتصميم باللون الزهري مؤلّف من سترة مطرّزة بكثافة، وتنورة قصيرة كشفت عن ساقيّن فاتنتين، إضافة إلى فستان آخر باللونين البيج والأصفر الخردلي اتخذ شكل الجرس، وانتهى بكشكش من الريش الناعم عند الأسفل. كما لفت الأنظار فستان باللون الذهبي، فالتفّ القماش عرضياً على جسد العارضة، مرفقاً بتطريز عريض عند الخصر تجسيداً للابتكار لدى المصممة.
أما ختام العرض، فكان بلا شك عنبراً عربياً مع ظهور فستان الزفاف الأبيض. وقد تناغم تماماً مع روح المجموعة بكاملها، فجاء مرصّعاً بالإكسسوارات الراقية المرسومة على شكل خنجر متميزاً بقصة ضيّقة عند الصدر حتى الوركين، مع اتساع ما دون ذلك حتى أخمص القدمين.