لم تختلف تغطية الحدث بين محطة وأخرى يوم أمس، فما فرّقته الحرب جمعه الرئيس: احتفالات هنا، تقارير ميدانية هناك، وأغانٍ وطنية دائماً وأبداً... وفي هذه الأثناء، بدأت احتفالات النجوم بالعهد الجديد!
إعداد: صباح أيوب ـ فاطمة داوود ـ ليال حداد

بيروت هذا المساء... تستعيد لحظات الفرحلكنّ الفنانين لم يكونوا العائق الوحيد الذي واجهه منظمو الحفلة. «سوليدير» أيضاً أبدت رفضاً قاطعاً لتنظيم هذه الحفلة بحجةّ أنها الوحيدة المخوّلة بذلك. ثمّ سوّيت المشكلة وبدأت فرق التجهيز بتركيب المسرح وسط ساحة رياض الصلح، بُعيد انتهاء مراسم انتخاب رئيس الجمهورية، على أن توزع شاشات ضخمة في أنحاء الوسط التجاري.
أما المشاهدون حول العالم، فسيتمكّنون من مشاهدة مقاطع محدودة من العرض عبر القنوات التابعة لشبكة «أوربت»، و«الجديد» و«أن بي أن». وقد كشف أبو مرعي أن اتصالات جرت مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إلّا أنّها اشترطت احتكار البثّ، لكنه رفض ذلك، نائياً بنفسه عن الحدث عن أي أهداف تجارية.
أخيراً، يؤكد مرعي أبو مرعي أن تجمّع 11 آذار هو تجمع مدني، تأسّس بُعيد انقسام الشعب اللبناني بين فريقي 8 و 14. ويشير إلى أنه لن يتخذ منحىً سياسياً، لكنه سينضمّ إلى التحرّكات الشعبية عمّالية كانت أو اجتماعية. ويؤكد أن حفلة الليلة ستكون مقدمة لسلسلة من الحفلات التي سينطّمها تجمّع 11 آذار في بيروت خلال الصيف المقبل.

تعدّدت الشاشات والحدث واحدٌمن جهتها، ارتدت OTV حلةً عسكريةً منذ الصباح الباكر. إذ بثت أغاني الجيش اللبناني، وتحدّثت عن إنجازات سليمان في المؤسسة العسكرية، مع تذكير دائم لجورج ياسمين بتضحيات العماد ميشال عون في سبيل الوصول إلى اتفاق الدوحةأما قناة «المنار» فكانت حتى ساعات الظهيرة، تحتفل بعيد المقاومة والتحرير من بوابة فاطمة في كفركلا، عارضة أناشيد وأشرطة مصورة عن عمليات المقاومة. واحتفالاً بذكرى التحرير، عرضت شاشة المستقبل «كليبات» قصيرة تؤكّد أنه «بقوة وتضامن ووحدة الشعب تتحرّر الأوطان»، من دون أي إشارة إلى دور المقاومة وشهدائها في هذا التحرير. هكذا خطف الرئيس الجديد «رهجة» عيد التحرير، فنسيت (أو تناست) بعض المحطات مثل LBC، أن تتطرّق إلى الموضوع ولو بإشارة.
وبينما خصصت الفضائيات العربية والغربية هامشاً واسعاً من هوائها لمواكبة الحدث اللبناني، كانت «الجزيرة» مساء السبت أول من تميزت بتغطية شاملة من عمشيت، مسقط رأس الرئيس. ذلك أن غسان بن جدّو قدّم حلقة «حوار مفتوح» من ساحة البلدة، ولم يتوانَ عن طرح سؤال الحلقة المحوري: «هل انتخاب ميشال سليمان هو انتصار له أم إفلاس للطبقة السياسية في لبنان؟».

المشهد بين الأمس واليومإلا أن هذا التحوّل المفاجئ لم يكن ثمرة الدعوة الجادّة التي أطلقها المجلس الوطني للإعلام قبل أسبوع. السبت الماضي (17 أيار/ مايو)، عندما ناشد رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ مسؤولي وسائل الإعلام المرئي والمسموع من الفئة الأولى السياسية «تهدئة الخطاب السياسي والإعلامي، وخصوصاً في مرحلة مواكبة مؤتمر الحوار الوطني في الدوحة». وآنذاك، هزّ الحاضرون رؤوسهم أثناء تلاوة البيان وبعده، وابتسموا في سرّهم، مدركين أنّ شيئاً من تلك التوصيات لن يُنفّذ. ذلك أنهم لن يغيّروا الخطّ العريض المرسوم لخطابهم وأسلوب تحريرهم ونشراتهم، ما دام الوضع السياسي يغلي. وبالفعل، استكملت المحطات المحلية «القنص» حتى بعدما هدأ الميدان. واستُرجعت الكليبات التعبوية والمثيرة للغرائز والمشاعر الطائفية على مختلف المحطات، حتى باتت تنافس المادة الإعلانية التجارية على الشاشات الصغيرة. والمعلوم أنّ كل المواد والبرامج التحريضية «يعاقب عليها القانون». هذا ما أكّده محفوظ في اتصال مع «الأخبار»، مذكّراً بأنّ المادة 382/94 من قانون الإعلام المرئي والمسموع تنص على أنّه «يمنع بثّ أي مادة ترويجية طائفية أو سياسية»، وتدعو إلى اعتماد «الشفافية والموضوعية» في نقل الأخبار. ولكن، حسب محفوظ، «لا أحد يطبّق هذا القانون اليوم». أمّا المجلس الوطني للإعلام، فيقف عاجزاً وذلك لأن صلاحياته استشارية فقط وليست عملية تطبيقية، «لم تضع الدولة أدوات رقابة بيد المجلس، لذا فهو يبقى غير قادر على ممارسة مهماته بشكل كامل». ويضيف ما دامت «وسائل الإعلام مشمولة بحماية طائفية وسياسية، فهذا لن يسمح ببثّ موادّ إعلامية موضوعية». ويعترف محفوظ بالحق المهدور للمواطن ـ المشاهد إن من ناحية حصوله على الأخبار إذ «لا يمكنه أن يتوصّل إلى معرفة حقيقة ما يجري فعلياً وذلك بسبب تحوير كل وسيلة إعلامية الأخبار على طريقتها ووفق السياسة التي تتبّعها»، أو من ناحية «الحق في إعطاء كل أطياف المجتمع فرصة في التعبير والظهور»...
اليوم، خفّ التوتر في الشارع. ولبنان مقبل على عهد جديد، فيما الشاشات اجتمعت أمس على الاحتفال بانتخاب رئيس الجمهورية... فما هي التحوّلات التي سيشهدها المشهد الإعلامي المحلّي في المستقبل القريب؟