دريد لحام وأيمن زيدان وأنطوان كرباج ورفيق علي أحمد... وميريام فارس هم أبطال فيلم نادر الأتاسي الجديد المقتبس عن «هالة والملك». «سيلينا» الذي يبدأ حاتم علي تصويره في أيلول، يعيد الروح إلى صالة «دمشق» المغلقة منذ سنوات، ويقدّم المسرحية الرحبانية في حلّة حديثة، بعد 41 عاماً
منار ديب

كان متوقعاً أن تقود كفاءة حاتم علي هذا المخرج إلى السينما. على رغم أنه لم ينجز سينمائياً سوى فيلم قصير واحد هو «شغف»، والفيلم الطويل «العشاق» المصور بتقنية الديجيتال، والمأخوذ عن مسلسل «أحلام كبيرة» (إخراجه أيضاً)، لم يمثّل العملان بوابته إلى الشاشة الكبيرة. إنما منجزه التلفزيوني الذي وصل فيه إلى مستوى متميز في الدراما العربية، لناحية الجمالية البصرية الجديدة والإخراج المبتكر وعدم إهمال أي تفصيل من عناصر العمل.
كرَّس عدد من المخرجين السوريين مفهوماً للمسلسل التلفزيوني لا يقلُّ أهمية عن الأعمال السينمائية بل قد يتفوّق عليها، لذلك يبدو اتجاه حاتم علي نحو إنجاز أعمال سينمائية أمراً طبيعياً تماماً، وفي سياق التطور والتراكم في التجربة. من هنا، لم يكن مفاجئاً أن تسند المؤسسة العامة للسينما إلى علي مهمة إخراج أحد أفلامها الجديدة، «موزاييك دمشق 39» عن رواية فواز حداد، متجاوزةً الشرط المتمثل في الدراسة الأكاديمية للسينما لدى المخرجين الذين تتعامل معهم. وكانت تجربة حاتم علي المصرية في مسلسل «الملك فاروق» قد فتحت له الأبواب نحو أعمال أخرى، على رغم أن اسمه كان مطروحاً منذ البداية لإخراج فيلم «محمد علي باشا» الذي كتبته لميس جابر، مؤلفة «الملك فاروق». ومن المتوقع أن يبدأ تصوير الفيلم نهاية هذا العام. فيما ينشغل صاحب «الزير سالم» حالياً بإخراج الفيلم المصري «الولد» من تأليف الكاتب بلال فضل وبطولة خالد صالح.
لكن العمل السينمائي الذي سيمثّل علامة فارقة في مسيرته، هو «سيلينا» عن مسرحية «هالة والملك» للأخوين رحباني، ويبدأ تصويره في أيلول (سبتمبر) المقبل. الفيلم من إنتاج نادر أتاسي، منتج أفلام فيروز الثلاثة «بياع الخواتم»، «سفر برلك»، «بنت الحارس»، ومنتج عدد من أفلام دريد لحام الشهيرة كـ«عقد اللولو» و“الحدود». وهو كان قد أشترى قبل ثلاثة عقود حقوق تصوير «هالة والملك» للسينما، لكن الظروف العامة حالت دون تنفيذ المشروع. والفيلم السوري ـــــ اللبناني المشترك يستعيد تلك الشراكة الفنية بين البلدين التي أثمرت عدداً من الأعمال المؤسسة. ويؤدّي أدوار البطولة فيه: دريد لحام، أيمن زيدان، نضال سيجري، أحمد الأحمد (من سوريا)، وأنطوان كرباج، رفيق علي أحمد، ومريام فارس (من لبنان). وهذه الأخيرة ستؤدي دور هالة الذي أدّته فيروز في المسرحية الأصلية عام 1967. ويشارك في إعداد السيناريو غدي الرحباني. أما الديكور والملابس، فمن تصميم غازي قهوجي، وتصميم اللوحات الراقصة للفنان جهاد مفلح مع فرقة «إنانا»، فيما مدير التصوير هو جورج لطفي الخوري.
سيجري تصوير «سيلينا» في مدينة الفارس الذهبي السينمائية في دمشق، على أن يعرض في سينما «دمشق» المغلقة منذ سنوات. إذ سيعاد افتتاحها مع بدء عروض الفيلم، علماً أنها ستتحوّل إلى مجمع سينمائي يضم صالتي عرض، كل منها بـ 150 مقعداً.
ويُتوقع أن يسهم فيلم كـ «سيلينا» في تحريك المياه الراكدة في طقوس العرض السينمائي في سوريا. ويأتي ذلك متظافراً مع جهود تبذل لإحياء السينما السورية. ذلك أنّ عروض فيلم حاتم علي «العشاق» تستمر في دمشق وحلب منذ أكثر من شهر، والمؤسسة العامة للسينما تعدُ بموسم سينمائي غير مسبوق مع عدد من الأفلام من إنتاجها قد يصل إلى سبعة، وخصوصاً مع إعادة افتتاح صالة «الكندي» التي تملكها، والتي تعرض حالياً فيلم «خارج التغطية» لعبد اللطيف عبد الحميد. كما يدير المخرج هيثم حقي، مدير الإنتاج في «أوربت»، ورشةً لتقديم سلسلة من الأفلام المصورة بكاميرا الديجيتال، منها ما أنجز فعلاً كفيلمه «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي»، ومنها ما يجري تصويره كـ«رقصة النسر» لنضال الدبس. إضافةً إلى مشاريع أخرى مطروحة في الساحة كفيلم «وحوش العاطفة» لزهير قنوع.
مسرحية «هالة والملك» التي يستوحيها الفيلم تدور أحداثها في مدينة سيلينا المتخيلة، وهي تحتفل بعيد سنوي هو «عيد الوجه الثاني» الأشبه بحفلة تنكرية يرتدي فيه الناس الأقنعة. لكن الاحتفال بهذا العيد يتوقف بناءً على نبوءة عرّافة أخبرت الملك داجور، أن إمرأة غريبة ستأتي إلى البلدة مرتدية قناعاً وستصير زوجته. وتقود الصدفة هالة (فيروز) مع والدها بائع الأقنعة إلى المدينة، فيظن أهل سيلينا أنها هي العروس المنتظرة، ويتشجّع والدها للفكرة وينكر معرفته بها، كما تحاول حاشية الملك إقناعها بالزواج. لكن هالة تؤمن بالحب فترفض الزواج بهذه الطريقة، فلا يكون من الملك إلا التنكر بهيئة رجل فقير والتقرب منها فتطلعه على أحوال الرعية ونفاق المحيطين به.
وتضم المسرحية عدداً من الأغنيات المعروفة مثل «لالا يابا لالا»، و“بتنكرني يا بيي» و“بيعد لها البعيد»، «وجايين ع ساحة سيلينا»، وهي كالعديد من المسرحيات الرحبانية ذات طابع استعراضي، وهي الهوية التي سيجري الحفاظ عليها في الفيلم.
يذكر أن نادر الأتاسي أكد في حديث سابق مع «الأخبار» (راجع «الأخبار»، عدد 19 حزيران/ يونيو 2007) أنّ العمل ـــــ أسوة بمسرحيات الرحابنة الأخرى ـــــ مليء بالإسقاطات السياسية، ينتقد رحمة الحكام، وفساد السلطة، واستغلالية الفريق السياسي التابع لهذا الرئيس أو ذاك. وهو يراهن على إطلاق المشروع نحو العالمية، كاشفاً عن إجراء اتصالات مع شركات إنتاج أوروبية، ستتولى ترجمته إلى الفرنسية والإنكليزية لعرضه في عواصم العالم. وأشار آنذاك إلى أنه اختار ميريام فارس الآتية من عالم الفيديو كليب، لأنها تجمع بين الصوت الجميل والقدرة على التمثيل. وهي اليوم تحاول إنجاز جميع مشاريعها، قبل التفرغ في أيلول للعمل الذي يمثّل نقلة في مسيرتها.


... وينتج لإبراهيم نصر الله
نفى المخرج حاتم علي لـ«الأخبار» الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام، عن نيّته إخراج مسلسل «زمن الخيول البيضاء» المقتبس عن رواية الكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله. وأوضح أن شركته «صورة للإنتاج الفني» ستكون المنتج المنفذ للعمل الذي تنتجه شركة «طارق زعيتر وشركاه» الأردنية، مؤكداً أنه لا يعرف بعد من هو المخرج الذي من المقرر أن يخرج المسلسل.
ويقترب صاحب «التغريبة الفلسطينية» من الموضوع الفلسطيني هذه المرة، منتجاً في ثاني إنتاجات شركته. وذلك بعد المسلسل البدوي التاريخي الضخم «صراع على الرمال» الذي انتهى تصويره، نفذته «صورة» لمصلحة «مؤسسة دبي للإعلام». و«زمن الخيول البيضاء» هي جزء من رباعية للروائي إبراهيم نصر الله، تعالج الواقع الفلسطيني في ثلاث حقب زمنية (العثمانية، الاحتلال البريطاني والاحتلال الإسرائيلي). وتتعامل مع الجوانب الإنسانية في هذه القضية، برؤية تُظهر تفاصيل الحياة الفلسطينية بكل عاداتها وتقاليدها وتراثها. وسيبدأ تصويرها في ربيع عام 2009 ضمن أجواء تتناسب مع مناخ الرواية التي تبدأ ريفية ربيعية، وقد تستمر لبداية صيف ذلك العام. وتجرى حالياً مناقشات بين المنتج طارق زعيتر وحاتم علي، حول ترشيح الشخصيات التي ستلعب أدوار البطولة في العمل. إذ سبق لزعيتر أن صرّح برغبته في إشراك أكبر عدد من الفنانين العرب من سوريا وفلسطين والأردن ومصر، واختيار السيناريست الذي سيكتب 30 حلقة تلفزيونية، لتكون أحد عروض رمضان 2009.