بيار أبي صعبأحد أكثر فنون الرقص راديكاليّة، لأن مسرحه الحقيقي بواطن النفس البشريّة. ذلك هو الـ«بوتو» الذي ستكون بيروت على موعد نادر معه مساء غد الأحد في مسرح «دوار الشمس» (الطيّونة)، من خلال الفنان العالمي أتسوشي ناكينوشي (موسيقى حيّة: هيروكو كوميا، إضاءة: نديم دعيبس). فنّ تعبيري وجسماني يشتغل على الجمود والبطء، وينحت اللحظة الواحدة كأنّها الأبديّة، سعياً وراء التوحّد مع الكون. يتقوقع جسد المؤدي كأنّه جنين، أو تمغط أطرافه كأنّه يسبح في العدم. يتجمّد في الفضاء ويصغي إلى الصمت. يرصد الحركة الداخليّة للنفس، ذاكرة الجسد وتحولاته في الفضاء الخارجي: تبدو كل عضلة كياناً قائماً بذاته، فيما الجسد بمجمله ذرة بسيطة في السمفونيّة الكونيّة...
ليس غريباً أن يكون فن الـButô نشأ في اليابان، وتشبّع من الفلسفات (والطقوس) الشرقيّة القديمة، مستمداً طاقته وأشكاله وضرورته من حالة الفراغ العظمى التي تلت كارثة هيروشيما وناغازاكي. بين خمسينيات القرن الماضي وسبعينيّاته، كان فنّاً متمرداً ورافضاً، يختزن العنف ويستبطنه، يعيش في الفضاءات الطليعيّة. اليوم صار لغة متعارفاً عليها، واتجاهاً عالمياً له مدارسه ورموزه. ولعلّ Atsushi Takenouchi الذي يزور لبنان حاليّاً، أحد أبرز ممثليه داخل اليابان وخارجه.
Stone («حجر») هو عنوان العرض الذي يقدّمه أتسوشي ناكينوشي في بيروت (بدعوة من جمعيّة ARTRACE & MILL). ينتمي أداء Takenouchi إلى اتجاه خاص هو Jinen Butô. «جينن» كلمة يابانيّة قديمة تشمل كل ما يتجاوز حدود الطبيعة، ما هو أوسع من الطبيعة... يتقمّص الفنان ذلك الحجر الذي ليس إلا جزءاً من الكون، يرقص ماضيه ومستقبله. قد يبدو الكلام غريباً لمن لم يقترب من هذا الفنّ، أو من الفلسفات الشرق أقصويّة بشكل عام. نحن هنا في قلب «مسرح القسوة» الذي لا يعرف التنازلات والمساومات. فن يذهب إلى الأساسي، بحثاً عن الانخطاف والحريّة، فيضع المشاهدين وجهاً لوجه أمام ذواتهم. إنّها تجربة فنيّة (وروحانيّة) تستحقّ أن تخاض، ولو لمرّة واحدة على الأقل!

السابعة من مساء الأحد أول حزيران/ يونيو ــــ مسرح «دوار الشمس» (الطيّونة): 01،381290
www.jinen-butoh.com