يلبسون قمصاناً مزركشة ويجرّون حقائب سفر، يفترشون مقاعد مطار «هيثرو» في العاصمة لندن ليلاً. قد يبدو المنظر طبيعياً في ذلك المطار الضخم لوهلة، لكن «العابرين» المفترضين ليسوا «مسافرين»، بل مشرّدون يتخذون من المطار مأوى مجهّزاً ومجانياً. يشكل المشرّدون جزءاً مهماً من العابرين في مطارات أوروبا اليوم، مستغلين تأخير الرحلات ليناموا كالمسافرين في أمكنة آمنة ودافئة. وفي خطوة جديدة، اضطرت إدارة مطار «هيثرو» البريطاني إلى اتخاذ تدابير خاصة للتخلص منهم بعد أن طوّروا بشكل ذكي قدراتهم على التخفي والاندماج بين المسافرين. وطلبت الإدارة من «برودواي» وهي جمعية تعنى بالمشردين، الشهر الماضي، أن تقوم بزيارات أسبوعية إلى المطار لإجراء مسح لعدد المشرّدين في المطار ومحاولة إقناعهم بالانتقال إلى ملاجئ مؤقتة. وجاءت النتيجة مفاجئة، إذ وجدت الجمعية في الساعة الأولى أكثر من مئة مشرّدن وهو رقم أعلى مما كان متوقعاً. وقد اعترف البعض لاحقاً بأنهم «مضطرون للنوم في المطار لأنهم لا يستطيعون تحمّل نفقات الكهرباء والتدفئة في المنازل». ويقول أحد العاملين مع «برودواي» إن عدداً كبيراً منهم يعاني مشاكل نفسية أو الإدمان، وقد تحوّل التشرد إلى طريقة للعيش.
«النائمون الخشنون» هكذا يسمّى المشرّدون في بريطانيا يتنكّرون في كل مطاراتها، لكن «هيثرو» يعدّ الأسهل لهم للاندماج بين المسافرين لأنه الأكثر انشغالاً في أوروبا كلها. وأشارت مجلّة «تايم» البريطانية إلى أنّ ظاهرة عدم تفريق المشرّدين عن المسافرين العاديين تعود إلى سبب بسيط، وهو أنّ أيام المسافر الانكليزي في البذلة الأنيقة والحذاء الذي يلمع قد ولّت، إذ أصبح الجميع يبتغون الراحة في أسفارهم فيلبسون ثياباً شبيهة بتلك التي يلبسها المشردون. لذا يصعب التفريق.