محمد خير «ذات صباح عندما فتحت عينيها، وجدته قربها، يبص عليها في براءة وحب وبعد فترة قصيرة من الصمت المتبادل بينهما، قالت بصوت خفيض: أنت أبريل... أليس كذلك؟ هز الديناصور رأسه وابتسم». بلى، نتحدث عن ديناصور أخضر صغير، يعيش مع «البنت» التي رسم شخصيتها طاهر الشرقاوي في روايته «فانيليا» ( دار شرقيات ـ القاهرة). الديناصور اسمه أبريل لأنه ظهر في حياة البنت في أعياد شمّ النسيم. قبل أن يجيء، كانت تفكر فيه ثم صارت ترسمه، بل صنعت له سريراً، حتى استيقظت في ذلك الصباح الرائق فوجدته بجوارها. لكنّ «فانيليا»، لا تنتمي إلى الواقعية السحرية ولا تولّد لدى القارئ ذلك الخلط الحلو بين الواقع والخيال، هي رواية واقع تستعير مفردات الحواديت، حواديت تتمتع مثل الديناصور أبريل بالبراءة والحب. ورغم أنّ الشرقاوي صعيديّ، فإنّ روايته تبدو أقرب إلى عذوبة قطعة من حلوى الفانيليا. رواية صغيرة عن ولد وبنت يقعان في الحب، لا أسماء هنا بل الكثير من الصفات. أنماط من الشخصيات غير تقليدية مثل «رجل الجنازات»، «امرأة الغسيل» و«سيدة القطط»... أولئك يُفرد المؤلف لكل منهم فصلاً في نهاية الرواية، في باب منفصل بعنوان «ملاحق» بعدما مرّت كلّ شخصية عرضياً في الرواية.
الولد وجد في البنت كل المواصفات فعشقها، البنت أحبت الولد رغم أنّه صدمها. إذ أخبرها أنّ عينيها عسليتان، وكانت تظنهما سوداوين وتحبهما كذلك. هي أحبت كثيراً قبل أن تلتقيه: الأول مات قبل أن يعرف أنّها تحبه. والثاني قال: «أنت بنت ممتازة». وأضاف وهو يرفع إصبعه نحو السماء: «لكن غداً... مَن يضمن». الثالث اختفى من دون كلمة. لكن البنت لا تكف عن رسم أحلامها و«ممارسة» الكوابيس. أصدقاؤها يلقبونها بـ Sunday، لأنّها تعتبر يوم الأحد ملكيتها الخاصة، لا تفرط فيه لحساب أحد. في هذا اليوم، تمارس طقوسها منها: الوقوف أمام المرآة، ثم تطلق شتائم نابية. وبنشوة، تنتقم بألفاظها من بشر معينين وآخرين مجهولين.
لكنّ ذلك لا يكفي، لا الحب ولا التنفيس بالألفاظ، مثل كل قصّة حب، لا بد من نهاية ما! «قالت: مدينتك تأكلني... قالت: هذا فراق بيني وبينك... وكانت مثل نتفة قطن ناصعة البياض، وهي تصعد بخفة إلى السماء. وبعدها فكر الولد مع نفسه: لست متأكداً... ربما كانت عيناها سوداوين».