strong>تحقيقات في السفارة الأميركية، أحداثٌ غريبة وجرائمُ قتل، ومطاردات. ليس فيلماً هوليوودياً، بل مسلسل من بطولة بيار داغر وميرنا مكرزل وباتريك مُبارك... التشويق والإثارة آتيان إلى المسلسلات المحليّة اللبنانيّة، فكيف يستقبلهما الجمهور؟
باسم الحكيم
قبل أن يُنهي المخرج ميلاد أبي رعد تصوير مسلسل «بين بيروت ودبي» (إنتاج «رؤى للإنتاج») بأيّام قليلة، أطلق المخرج غابي سعد صفّارة انطلاق تصوير مسلسل «دعوة إلى المجهول». وهو من إنتاج شركة «لاك بروداكشن» التي يملكها المخرج سعد. العملان للكاتب جبران ضاهر الذي بالكاد يجدُ الوقت لزيارة مواقع التصوير، «لأنني مشغول حالياً بكتابة مسلسلين، ينتظران التنفيذ قريباً».
لم يقف الحظ إلى جانب «دعوة إلى المجهول». إذ نام طويلاً في أدراج المخرج غابي سعد، منذ كان يحمل عنوان «البطاقة الزرقاء»، قبل أن يستقرّ الكاتب على العنوان الجديد. وعلى رغم إنجاز ضاهر للنص منذ سنوات، فإن سعد اضطر إلى السفر إلى الخارج لتنفيذ أعمال عربيّة مختلفة. كان آخرها «أنا وإنت والانترنت» للكاتبة السعوديّة مريم الغامدي الذي أنهت الفضائيّة اللبنانيّة (LBC) عرضه قبل نحو أسبوعين. ما أجّل تصوير «دعوة إلى المجهول»، مراراً وتكراراً.
يُفاخر ضاهر بأنّ عمله الحاليّ «الذي يقع في 12 حلقة مبدئيّاً»، يحملُ كمّاً من التشويق والمغامرة. ويشير إلى أنه وزّع الأحداث على الشخصيّات، بشكل لا يسمح بتفرّد أحد من الممثلين بالبطولة المطلقة. من هنا، «سيحملُ طابع البطولة الجماعيّة».
عندما يتحدث ضاهر عن مسلسه الجديد، تراه كمن يمشي بين النقاط، مخافة أن يذكر أحداثاً ليس مسموحاً به الكشف عنها، «لأن الحبكة متوقفة عند كلمة، تقلب الأحداث رأساً على عقب». لكنّه مؤمن بأن «المُشاهد سيندمج مع الأحداث». وعن تبديل الاسم، يشرح ضاهر بأن «اسم «البطاقة الزرقاء» مكشوف، لأن إحدى حبكات التشويق الرئيسيّة، هي مرور امرأة خارقة الجمال إلى جانب جيم الذي يؤدي دوره بيار داغر. وتضع ورقة كتبت عليها عبارة بالفرنسيّة، تؤدي إلى مطاردته وملاحقته وتدخّل السفارة الأميركية”. ويستدرك ضاهر: «هذا ليس الحدث الوحيد، لذا سيظلم العمل مع الاسم الأول». ويراهن الكاتب على التشويق الحاضر دائماً، وعلى السرعة القياسيّة في تتابع الأحداث، «وخصوصاً أنّنا في صدد مسلسل تشويقي، ما يعني أنّ الإيقاع يجب أن يكون أسرع من ذلك الذي نشتغل على أساسه المسلسلات الاجتماعيّة والعاطفيّة». ويصل حد اعتبار أنّ «نص كل حلقة هو عبارة عن فيلم لجهة سرعة أحداثه، من دون أن يكون صعب الفهم على الجمهور». يتحمّس ضاهر للإضاءة على عمله الجديد، «في ظل التهميش الإعلامي الذي نُعانيه». حتى إنّ المخرج غابي سعد اتّخذ موقفاً من أهل الصحافة اللبنانيّة، «لأنهم لا يعطوننا حقّنا، بخلاف احتضان الصحافة العربيّة، ولا سيّما السعوديّة منها للدراما اللبنانية».
تنطلق أحداث «دعوة إلى المجهول» من رحلة سارة (جويل قاعي) الزوجة اللبنانيّة التي تحمل الجنسيّة الأميركيّة، وزوجها الأميركي جيم إلى لبنان، لقضاء شهر عسلهما في القصر المهجور الذي تركته عائلة الزوجة (فؤاد ضاهر وختام اللحّام)، إثر حادث مشؤوم، فقدت فيه الأم ابنها غرقاً في المسبح. وذلك قبيل اندلاع الحرب اللبنانيّة، فغادرت العائلة بيروت لتستقر نهائيّاً في واشنطن. ولدى وصول الزوجين إلى لبنان، تعترضهما أحداث غريبة غير واضحة.
ويمكن تقسيم المسلسل إلى جزءين: الأوّل يُختصر برحلة سارة (وهي روائية) في ألبوم الصور، وتتخيّل من خلاله الشخصيّات الأخرى في قالب من الفانتازيا. هكذا، تتخيّل خادمة القصر إنعام، مرتدية فستان الخدم، بينما نراها في الواقع بصورة مختلفة كليّاً. فإنعام التي تؤدي دروها ميرنا مكرزل، تتخطى أحلامها مجرد الحصول على زيادة في راتبها آخر الشهر، إلى رغبة جامحة وماكرة في الاستيلاء على القصر. تستأذن مكرزل من الكاتب أن تغوص في التحدث عن الخادمة، «لأن الشخصية دقيقة، وتفضح أحداث المسلسل إذا ذكرت خلفياتها، وهي باختصار تتخطى كونها خادمة لتتحكم في مجريات الأمور». ومع ذلك، لا بأس من فضح تفاصيل بسيطة من الشخصيّة، يكشفها سليم حلال الذي يطل في شخصيّة الجنينياتي «وهو يعيش مع الخادمة قصّة حب تولد من الفراغ، وتحكمها الظروف التي تجمع بينهما». وأبعد من دور الخادمة، هناك شخصيات أخرى مثيرة للجدل، بينها شخصيّة فابو وتؤدي دورها فاديا عبّود. وبينما تتخيل الكاتبة عبود على أنها امرأة خطرة وقاتلة، تبدو في الواقع مختلفة تماماً. ذلك أنها لا تهتمُّ إلا بالمظاهر، وبنظرة الناس إليها».
هذه المرأة متزوجة برجل أعمال مافيوي وانتهازي يدعى نديم نصري (جان حايك). هو زير نساء، يرتبط بعلاقة عاطفيّة مع ابنة الجنيناتي. وتنقلب الأمور رأساً على عقب، حين تقتل الفتاة. وتحوم الشبهات حول أكثر من شخص، بينهم روبير (باتريك مبارك)، شقيق نديم نصري، والمتورط بسحب شيكات من دون رصيد. ويدخل المحقق (أغوب جرجيان) إلى القصر، لاكتشاف الفاعل وفك الرموز في ظل الغموض المسيطر على الشخصيات. ويثني حايك العائد إلى شخصيّة رجل الأعمال التي سبق له تجسيدها في مسلسل «العاصفة تهب مرتين»، على «نص ضاهر وعلى حبكته”، ليخلص إلى تقديم شخصيات متداخل بعضها مع بعض، لخلق نوع من أنواع التشويق والإثارة».
يعدّ العمل الجديد حلقة في رحلة التعاون المستمر بين الكاتب والمخرج، وكان آخره مع «تيلي لوميير» في المسلسل الديني القصير «عندما تأتي الساعة» الذي شارك فيه أيضاً بيار داغر وفاديا عبّود. ويستبعد ضاهر احتمال تجدد التعاون مع القناة الدينية المسيحيّة قريباً، «لأنّ الظروف الإنتاجيّة الحاليّة للتلفزيون، لا تسمح بالإنتاج الدرامي الذي كان سبّاقاً فيه»، مذكّراً أنني «كتبت للقناة ثلاثين حلقة من مسلسل «جحا وتيمورلنك»، ومجموعة من المسلسلات القصيرة والأفلام التلفزيونية، بمبالغ زهيدة». يُذكر أن المفاوضات على بيع العمل جارية مع أكثر من محطة لبنانية. وقد وضع كلمات «الجنيريك» والموسيقى التصويرية باتريك مبارك، وأدى الأغنية نقولا الأسطا.


strong>حبّ، مغامرات وماورائيّات
منذ الآن، يحرص الممثّلون المشاركون في مسلسل «دعوة إلى المجهول»، على تنسيق أوقاتهم ليتمكنوا من إنجاز أعمال أخرى بين بيروت ودمشق. فميرنا مكرزل، صوّرت دورها في حلقة من مسلسل «هيك تجوّزنا» بعنوان «صنع في لبنان»، من كتابة مازن طه وإخراج عمّار رضوان وشركة «جومانا» التي تمتلكها الممثلة جومانا مراد، إلى جانب سليم حلّال وطارق تميم. وهي تسافر إلى سوريا في غضون أيّام قليلة، لتصوير حلقة أخرى من العمل عنوانها «الصيّاد»، كما تستكمل تصوير حلقاتها الانتقادية الساخرة «أبو الطيب العربي» مع أحمد الزين. وبينما ما زال بيار داغر، يدرس إمكان المشاركة في مسلسل «شركاء في الخراب» للمخرج السوري محمد زهير رجب، ينتظر عروضاً قريبة من الدول العربيّة، ولا سيّما من سوريا. أما فاديا عبّود، فتنتظر بدورها إشارة الكاتب شكري أنيس فاخوري لتصوير «خطوة حب» من مجموعة «حكايات». ويتعاقد باتريك مبارك بوصفه منتجاً منفّذاً مع مجموعة ممثّلين للمشاركة في مسلسل «لعبة العمر» من كتابة الصحافي نصري عكاوي. وهو من بطولته، إلى جانب محمد إبراهيم، رودني حدّاد وديامان بوعبّود، كما رشّح للعمل نفسه نادين الراسي وشقيقتها ساندرين.
والكاتب جبران ضاهر مستمر في أجواء التشويق، وهو يواصل كتابة حلقات مسلسله المقبل «قلب لا يموت» الذي يناقش بصيغة دراميّة قضايا تتعلق بالماورائيات، إضافة إلى عمل آخر بعنوان «وجه بلا جذور». والكاتب بدأ مشواره الدرامي في تلفزيون لبنان، ولم تسمح الظروف بأن يختتم حلقات مسلسل «ليل الذئاب» للمخرج جورج غيّاض وبطولة أنطوان كرباج ونادين شرارة. إذ بدأ عرض المسلسل قبل أشهر من إقفال التلفزيون الرسمي في نهاية شباط (فبراير) 2001، واقتصر تعامله مع تلفزيون لبنان قبل ذلك على فيلم واحد هو «الشال الأخضر» في نهاية الثمانينيات، بعد رحلة مسرحيّة طويلة في المسرح العسكري خصوصاً.