خالد صاغيّةحين كان المواطن ألِف يستعدّ للإضراب، مطالباً بزيادة راتبه، كان الوزير المعنيّ يتناول العشاء في أحد أفخم مطاعم بيروت.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يبحث عن لحظات من الصمت، كانت الشاشات تصدح بشتائم السياسيّين وأهازيجهم التافهة.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يستجدي فسحة من النعاس، كانت المدينة غارقة في سبات عميق.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يئنّ تحت أطنان من الأثقال، كان الهواء يسبح بخفّة لا تُحتمَل.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يعاني آلاماً في الرأس، كانت ضحكاتٌ مجنونة تتصاعد من الغرف المجاورة.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يفكّر في لونه المفضّل، كانت الأعلام السقيمة تُفقد الألوان رائحتها.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يبحث عن حضن دافئ واحد، كانت مئات الآلاف تخرج إلى الساحات باردةً وساذجة.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يرسم أحلامه فوق الجدران، كانت الجرّافات تهدم آخر ما بقي من روح المدينة.
لا بأس. مجرّد صدفة.
حين كان المواطن ألِف يفكّر في بقائه حيّاً، كان الموت يأتيه على هيئة بلادٍ جميلة ابتلعها ذات يوم فم التنّين.