خالد صاغيةعند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل السبت، كان المشهد حزيناً في شارع الجمّيزة. المحالّ تُقفل أبوابها وسط اعتراضات الساهرين، وعناصر من قوى الأمن يتحضّرون للقيام بدوريّة للتأكّد من التزام موعد الإقفال.
حضور الدولة في هذا الشارع مُريب فعلاً. فقد اعتصم بعض الأهالي الأسبوع الفائت، حاملين وساداتهم ومحتجّين عن حقّ، على صعوبة الاستمرار في العيش والنوم داخل منازلهم. في اليوم التالي، كان الشمع الأحمر يُقفل حوالى عشرين حانة في الجمّيزة. سرعة قياسيّة في الاستجابة وفي التنفيذ العشوائي.
فقرارات الإقفال لم تحلّ المشكلة. وهي لم تطُل مصادر الإزعاج الفعليّة: «الفاليه باركينغ» الذين سيطروا كلياً على الشارع، والموسيقى الصاخبة التي تتصاعد من بعض المحال، هي غالباً ما لا يليق بحجم الحانات الصغير. ويبقى الأهمّ أنّ التحوّلات التي أصابت الشارع دفعت المستثمرين الكبار للإقبال عليه. وبخلاف الحانات التي يفتح معظمها في محالّ مهملة منذ أيّام الحرب الأهليّة، فإنّ هؤلاء المستثمرين غالباً ما يقومون بهدم مبانٍ قديمة وإعلاء الأبراج مكانها، بعد طرد القاطنين التاريخيّين في الحي إلى الضواحي الشرقيّة، عبر الإغراءات أو القرارات الصادرة عن الدولة. طبعاً، لم يُحرم هؤلاء المستثمرون الكبار حقوقهم، ولا تزال قصة انتحار حلّاق الجمّيزة ماثلةً أمامنا.
إنّ «تنظيم» السهر في الجميزة بات ملحّاً. لكنّ الطريقة التي اعتمدتها الحكومة مشبوهة، فضلاً عن أنّها ضدّ حبّ الحياة.