لن يحتفل الباحث في التراث الإسلامي إسلام بحيري بالعام الجديد في منزله. دخل بحيري السجن بالفعل تنفيذاً لحكم بالحبس لمدة سنة واحدة، فيما ترددت أنباء قوية عن مداهمة «مسرح روابط» وإغلاقه مع غاليري «تاون هاوس» في القاهرة، وفي الخلفية جلسات مستمرة لمحاكمة الروائي أحمد ناجي! الثقافة المصرية إذن ليست على ما يرام وهي تودّع 2015. بل يمكن القول إنّها نهاية عام حزينة على الثقافة المصرية التي لن تستقبل العام الجديد حتى بالتفاؤل المشوب بالحذر. أحداث متتالية أكدت أنّ النظام في مصر لا يساند حرية المثقفين ولا يتدخل في الوقت المناسب من أجل حمايتهم من مقصلة التيارات المتشددة أو الأفراد المتفرغين لمطاردة الإبداع أياً كانت الاختلاف حول قيمته. إسلام بحيري الباحث في التراث الإسلامي الذي أثار جدلاً كبيراً في الآونة الأخيرة، لن يحتفل بالعام الجديد في منزله. هو اليوم خلف أسوار السجن بعدما أصدرت «محكمة جنح مستأنف مصر القديمة» مساء الاثنين حكماً قضى بحبسه لمدة سنة بتهمة ازدراء الأديان في برنامجه «مع إسلام» الذي توقف في نيسان (أبريل) الماضي. جاء هذا التوقف نزولاً عند طلب من الأزهر الذي استجابت له قناة «القاهرة والناس» العارضة للبرنامج. وتزامن ذلك مع تحريك دعاوى عدة ضد بحيري أولها الحكم الأول الذي قضى بحبسه خمس سنوات، لكن بحيري استأنفه وترافع بنفسه الاثنين أمام المحكمة، فخففت الحكم وحبسته عاماً واحداً. وتواصلت حملات التضامن مع بحيري حتى من المختلفين معه فكرياً، وفتح باب للمقارنة بين مصر قبل «ثورة يناير» التي كانت تشهد هذه النوعية من الدعاوى لكنها لم تصل أبداً إلى حبس الباحثين والمفكرين وبين ما يحدث اليوم بعد ثورتين! وتعالت الأصوات التي تطالب الرئيس المصري بإلغاء قانون «ازدراء الأديان» كما ألغى الرئيس الأسبق حسني مبارك قانون «الحسبة» الذي كاد أن يفرق المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد عن زوجته. وفي التوقيت نفسه الذي صدر فيه حكم الحبس ضد بحيري، كان موظفون حكوميون من وزارات الداخلية والعمل والثقافة والمالية يغلقون «مسرح روابط» وغاليري «تاون هاوس» الشهيرة في وسط القاهرة بدعوى مخالفة القوانين وفق ما جاء في موقع «مدى مصر». المسرح المفتوح منذ 1998 كان متنفساً مهماً وفضاء مستقلاً لتقديم مسرحيات وحفلات واستضافة فعاليات ثقافية وفنية لم تتوقف. ولم يعرف حتى الآن السبب المباشر لإغلاق المسرح والغاليري، علماً أنّ آخر عرض مسرحي استضافه «روابط» كان بعنوان «ميتين أهلى» من بطولة مجموعة من الشباب حول يومياتهم وعلاقاتهم مع عائلاتهم والصراع المستمر بين الأجيال. وفي خلفية كل ما سبق، تواصلت جلسات محاكمة الروائي أحمد ناجي وطارق الطاهر رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» استجابة لدعوى رفعها أحد الأشخاص بدعوى تضرره من نشر الجريدة فصلاً من رواية «استخدام الحياة» لناجي وورود «ألفاظ وأوصاف» اعتبرها المدعي «خادشة للحياء العام»! وبعد ظهر أمس، كتب مؤسس ومدير «دار ميريت» محمد هاشم على صفحته على الفايسبوك أنّ شرطة المصنفات اقتحمت مقر الدار أمس وقبضت على محمد زين الموظف في الدار، وهو «في طريقه إلى النيابة». وتابع: «سنفضح الفاسدين ونعقد ندوة أشرف عبد الشافي في موعدها.
وسنفضح الجلادين فى السعودية ونستمر فى تضامننا مع أشرف فياض. وسنظل نحلم بوطن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولن ترهبونا».
اللافت أنّ رد فعل الوسط الثقافي على كل هذه الحملات لم يكن بالسخونة المعتادة في حملات سابقة. هكذا، تدخل الثقافة المصرية العام الجديد وهي تعاني من حصار غير مسبوق وغياب غير مسبوق أيضاً للمقاومة وسط مخاوف من تواصل تلك الحملات في عام 2016.