جوانا عازار«للمرّة الأولى، شيء غير السياسة في شوارع لبنان... مفهوم ثوريّ سيغيّر وجه شوارعنا... ثقافيّاً» هكذا روّج ممثّلو The Lebanese Street Performance group لعرض الشارع الذي أقاموه يوم السبت الماضي على سنسول ميناء جبيل.
الممثّلون عشرة، اللّباس موّحد اللون، الكلام يكاد يغيب، الديكور أيضاً، يستعاض عنه بمنظر البحر، فقط تمثال جامد لعارضة بلاستيكية تشارك الممثلين العرض وهم يكوّنون حلقات، تبدأ من كرسيّ في أوّل السنسول ليصلوا بحركات متعدّدة الى كرسيّ آخر في آخره. لنصف ساعة من الوقت، يكاد يغيب الكلام، ليحلّ مكانه الجمود والسكوت. لا وجود لقصّة محدّدة أو لنصّ جاهز، حتّى الحركات التي يقوم بها الممّثلون ارتجاليّة، وكلّ واحدة منها تشير إلى الآخر ليردّ عليها. التفاعل واضح بين الممثلين وبينهم وبين الحضور أيضاً. الحلقة اتّسعت بحيث استوقف العرض جميع المارّين في المكان ليشاهدوا ويشاركوا في سير الأحداث، منهم من جاوب عن أسئلة الممّثلين أو علّق على حركاتهم، وهم جاوبوا بحركاتهم وأقوالهم على الحضور بحيث أشركوهم في العرض بعيداً عن الحواجز.
أمّا في المشهد الثاني، فقدّم الممّثلون عرضاً لقصّة سياقها واضح تدور أحداثها حول غرفة لهاتف ثابت بحيث ينتظر الناس أحد الأشخاص داخلها في إطار كوميديّ مشوّق.
الأسلوب جديد في شوارعنا والعرض يدخل ضمن ما يعرف «بمسرح الشارع» وهو مبادرة من المخرج اللّبنانيّ لوسيان بورجيلي، الذي بدأ منذ ستّة أشهر ورشة عمل في إعطاء دروس مسرحيّة لعدد من الأفراد من محترفي وهواة تمثيل، يدخل ضمنها درس «الارتجال» الذي كانت تجربة تطبيقه في الشارع. وقد بدأت النشاطات بعرضين في عين المريسة ولاقت تجاوباً من النّاس، ممثّلة «ثورة نفضت عن الشارع غبار السياسة لتحلّ مكانها الثقافة والفنّ» كما يقول بورجيلي، الذي يضيف «لقد أحضرنا المسرح إلى الناس، هدفنا ألّا تكون مجريات العرض مرتبطة بنا كممّثلين بل بالناس الذين يشاهدوننا، فهم من خلال تفاعلهم والأقوال التي يردّدونها خلال العرض يؤثّرون على طريقة أداء الممّثلين، الذين يردّون على الردود بارتجال». أمّا المنطلق العام الذي حدّد مسار العرض في جبيل، فكان «الفضوليّة» التي أثيرت في نفوس جميع الحاضرين ليعرفوا ماذا يجري وليفهموا معنى العرض وليتابعوه بكلّ تفاصيله حتى النهاية.
رافي فغالي الذي شارك في العروض تحدّث عن التجربة التي «لاقت نجاحاً في عين المريسة، بحيث كان تعاطي الحضور رائعاً، ومنهم مثلاً بائع القهوة الذي كان يمرّ في المكان، والذي شارك الممثلين في عرضهم، فضلاً عن مشاركة رجل أخرس أحسّ أنّه معنّي بالعرض لكون الممثلين كانوا يحافظون على سكوتهم خلال المشهد». فالتحدّي حسب فغالي «يكمن في خلق التفاعل مع الحضور، كسر كلّ الحواجز والوصول إلى جميع الناس بمختلف أعمارهم ومستوياتهم وإشراكهم في العمل»، مضيفاً إن «عروض الشارع تلك يؤدّيها طلاب من جامعتي «القديس يوسف» و«الجامعة اللبنانية الدولية»، فضلاً عن شباب متخرّجين من الجامعات منهم هواة تمثيل ومنهم محترفون»، وهذه الخلطة حسب فغالي هي جزء من أهداف العمل.