تونيا عكرللوهلة الأولى، تبدو اللوحات كأنّها مرسومة بمادة الزيت. لكن هيلين كرم رسمت بالأكريليك لوحات معرضها «التلاشي»، الذي يقام في «مسرح بابل» حتى 27 الشهر الحالي. لقد أتقنت الفنانة اللبنانية التحكّم بتلك المادة، فصار بوسعها أن تصنع بها طبقات عدّة كالتي نجدها عادةً في اللوحات الزيتية. «أريد أن يكون لي سلطة كاملة على المادة، فلا فرق بين مادة وأخرى. المهم كيفية التعبير بها»، هكذا، أتت طريقة التعبير لدى كرم عنيفةً من حيث الألوان النارية التي احتواها المعرض. والمجموعة ثمرة سنتين من العمل، وتجربة إنسانية جعلت الفنّانة تطرح أسئلة وجوديّة عن الموت والألم. يُبرز معرضها ذوبان الجسد عبر امتداده العمودي، وتصعيد المشاعر لدى زوال الجسد بعد الموت.
منذ تخرّجها، أقامت هيلين كرم معارض عدّة في لبنان والعالم في بداية التسعينيات، مثل معرض «بشحري» في الكويت، حيث رسمت تغريبة الرجل العاشق، مستوحيةً مواضيعها من حكاية قيس وليلى، ومشتغلّة على انحناءات الخطّ العربي لالتقاط ملامح الجسد المرغوب أو العاشق. أما أعمال معرضها الحالي، فموزّعة على قسمين. ثلاث لوحات كبيرة (أكريليك على قماش) بعنوان «تلاشٍ: أول، وثان، وثالث»، فوقها أجساد نسائيّة ممتدّة، خرج رأس أحدها إلى ما بعد اللوحة. بينما يداعب الهواء شعر أخرى بطريقة فريدة، تشعر المتفرج كأنه يشاهد التلفزيون... المجموعة الأخرى تضمّ أعمالاً متوسطة الحجم، بعنوان «تلاش: من الرابع حتى الأخير»، تظهر الجسد المتألم والضعيف الذي يحيل إلى رسوم المصلوب. أما اللوحة الأخيرة، فلا تنتمي إلى المجموعة السابقة، بل هي بعنوان «الشباك»، وتظهر امرأة تسترق النظر خلف ستارة شباك في أحد المنازل القديمة. وهذه اللوحة هي من مجموعة أخرى أرادت الفنانة إظهارها قبل موعد المعرض المقبل الذي سيدور حول بيت بيروتي قديم.

«التلاشي» ــــ معرض هيلين كرم: حتى 27 الشهر الحالي ــــ مسرح بابل، الحمرا: 01/744034