حصاد الميديا 2015 | تنتهي سنة 2015 في المغرب على نقاش يتعلق بقانون الصحافة الجديد. قانون يبشر به وزير الإعلام مصطفى الخلفي. قدم الوزير الإسلامي عن «حزب العدالة والتنمية» مشروع القانون أخيراً إلى المجلس الحكومي الذي وافق عليه، وينتظر أن يعرض على البرلمان. ورغم الجدال الواسع الذي أحاط بمشروع القانون، فإن الحكومة أصرت على طابعه العقابي في أغلب المواد. ومع أنّ الخلفي بشّر بأنه قانون يلغي عقوبة الحبس التي تطال الصحافيين في أغلب قضايا الإعلام، إلا أن الكثير من مقتضياته تسلط سيف الرقابة الذاتية على المؤسسات الإعلامية. مع القانون الجديد، تترسخ فكرة عدم نقد الدولة ومؤسساتها وإيديولوجيتها عبر عبارة من قبيل «منع الإساءة للملك، وللأمراء وللدين الإسلامي». كما يضمّ القانون عبارات تهدد بالسجن والغرامات والمنع من ممارسة الإعلام لفترة قد تصل إلى عشر سنوات لكل من تسوّل له نفسه انتقاد المؤسسات المهيمنة في المغرب. مشروع القانون ــ في حال التصويت عليه ــ سيحدد مقتضيات النشر في المغرب إلى جانب وضع الصحافة الإلكترونية المنتعشة في سوق الإعلام، و«المجلس الأعلى للصحافة» الذي يفترض أن يعهد إليه تنظيم أوضاع المهنيين المغاربة، إلى جانب النظام الأساسي للصحافيين. أما في مجال الممارسة المهنية، فقد شهدت 2015، انتهاء عقوبة المنع التي طالت الصحافي علي المرابط لسنوات. لكن الصحافي الشرس في انتقاد أجهزة الدولة، رغب في إطلاق مشروع إعلامي جديد، ما أدخله في معركة جديدة مع أجهزة وزارة الداخلية. الأخيرة رفضت تسليمه شهادات تثبت إقامته في المغرب، ليضطر لخوض إضراب مفتوح عن الطعام أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف. إضراب استمرّ أسابيع، وسانده فيه كثيرون من داخل المغرب وخارجه. ويبدو أن جهود حلحلة الملف، دفعت السلطات إلى تسليمه أوراق الإقامة، لا في تطوان الواقعة شمال المغرب، من حيث ينحدر، بل في إسبانيا حيث أقام لسنوات، ويحمل جنسيتها هي الأخرى. لم يكن المرابط وحده المحارب الدونكيشوتي أمام أجهزة الدولة. المعطي منجب، الأستاذ الجامعي والفاعل في مجال الإعلام، وجد نفسه هو الآخر في معركة الأمعاء الخاوية، ضد ما أسماه المنع غير المنطقي له من السفر خارج المغرب. وتقول السلطات إنّ منجب مسؤول عن أخطاء مالية في مؤسسة «مركز ابن رشد» التي تعنى بتطوير كفاءات صحافيي الاستقصاء. أما هو، فيصرّ على أن الملف مفبرك من أجل إخراس صوته ونشاطه وتصريحاته المنتقدة لأجهزة الدولة والسياسات الرسمية في أجهزة الإعلام، سواء داخل المغرب أو خارجه. ويبدو أن صراع منجب الذي دعمته فيه «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان»، ووجوه ثقافية وسياسية مختلفة، انتهى بانتصاره على الأقل في معركة أولى. فالسلطات تخلت عن منعها له من السفر، لكنها لا تزال تلاحقه أمام القضاء بتهم التعامل مع مؤسسات أجنبية.
السلطات رحّلت في 2015 مجموعة من الصحافيين الأجانب الذين حاولوا إنجاز تقارير تمس بالثالوث المقدس، إلى جانب قضية الصحراء الغربية. الأخيرة صارت تثير أكثر حزازيات الدولة المغربية، وتجعلها ترد بشكل قاس على كل من تسول له نفسه، حتى محاولة اتخاذ الحياد في هذا الملف الشائك المستمرّ منذ عقود. إلا أنّها انتصرت لأنّها رفضت الابتزاز وتقديم الرشى في قضية أثارت الكثير من الجدل داخل المغرب وخارجه. يتعلّق الأمر بفضيحة الصحافيين الفرنسيين كاترين غراسيي وإريك لوران، المعتاد على أجواء القصر المغربي، الذي سبق أن أنجز كتاب حوارات مع الملك الراحل الحسن الثاني. من باريس، أعلن خبر اعتقالهما متلبسين، وهما يخرجان من مطعم بعد لقاء محامي القصر المغربي، ليتضح أنهما حاولا ابتزاز القصر والحصول على مليوني يورو مقابل عدم نشر كتاب. دفاع الصحافيين البائس تركز على أنها ليست قضية ابتزاز بل مفاوضات بينهما وبين القصر، كما يحدث في الصحافة الأنغلوساكسونية.
هذه السنة شهدت أيضاً مواليد جدداً في الساحة. عاد موقع «لكم» للصحافي المشاغب علي أنوزلا مع طاقم من الصحافيين الشباب، بينما أطلق الصحافي علي عمار موقعاً بالفرنسية هو «لو ديسك» حاول استعمال نمط جديد في الإعلام الإلكتروني. مفاجأة السنة كانت ولادة مؤسسة بشر بها كثيراً قبل الإعلان عنها، ليس وراءها سوى السياسي إلياس العماري. نائب الأمين العام لـ «حزب الأصالة والمعاصرة» القريب من السلطة، والمرشح لخلافته على زعامة الحزب، وربما الترشح لمنصب رئيس الحكومة، يحلم بأن يصير برلوسكوني المغرب. هكذا أطلق مؤسسة إعلامية تبلغ ميزانيتها ما يقارب 6,4 مليون يورو من منابر عدة، تضم جريدة ورقية وموقعاً إلكترونياً ومجلة أسبوعية وأخرى نسائية، ومجلة فكرية.
شهدت السنة أيضاً مناوشات بين صحافي «الجزيرة» أحمد منصور والإعلام المغربي الذي كشف عن زواجه العرفي بمناضلة في «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي. منصور أبدى سلاطة لسان لا تضاهى ووصف الإعلاميين المغاربة بالقوادين والمرتزقة. وعادت مجلة "ماروك إيبدو" إلى أخطائها القاتلة، فنشرت غلافاً عنوانه "هل يجب حرق المثليين؟" قبل أن تسحبه من الأسواق بعد الانتقادات التي تعرضت لها. «حزب العدالة والتنمية» حاول الرهان على «الأخلاق» مجدداً، وركب على ظهور جنيفير لوبيز في ملابس مثيرة في «مهرجان موازين»، مطالباً رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بمعاقبة القناة! وفي هذه السنة، ودع المغرب، الصحافي والوزير السابق للإعلام، محمد العربي المساري، الشهير بثقافته الموسوعية، ودرايته الواسعة بالعلاقات المغربية الإسبانية.