عبد الحليم المسعوديبعدما راكم السنوات والمواسم والأعمال والتجارب والمشاريع، ها هو «التياترو» يحتفل اليوم بعيد ميلاده العشرين، بعدما تحوّل ببساطة إلى مؤسسة ثقافية وطنية للثقافة المواطنية البديلة، منتزعاً اعتراف السلطة الرسمية (وزارة الثقافة في تونس) التي باتت تلجأ إليه كأحد الفضاءات الرئيسة الضرورية لاحتضان التظاهرات الثقافية. لكن حياة «التياترو» كفضاء، غير منفصلة عن جهود مشتركة لعائلة «التياترو» نفسها. إلى جانب زينب فرحات، رفيقة درب توفيق الجبالي، والمسؤولة عن إدارة البرمجة والاتصال والتسويق في الفضاء، يقف رؤوف بن عمر ليكون رفيق درب الجبالي الإبداعي الذي يتقن فن التواطؤ الإبداعي معه في هذا الفضاء. كذلك المسرحي كمال التواتي والكوريغرافية إيمان السماوي والفنان التشكيلي محمود شلبي، الذي أشرف على تنظيم المعارض التشكيلية في «التياترو» طوال عشرين عاماً.
كما أنّ حياة فضاء «التياترو» لا تنفصل عن المسيرة الإبداعية لتوفيق الجبالي نفسه طوال السنوات العشرين هذه. إذ مثّل هذا الفضاء مختبره الحميم، فيه «اقترف» أجمل الأعمال المسرحية التي مثّلت علامات أساسيّة في مسار المسرح الطليعي التونسي. نشير بينها إلى «حاضر بالنيابة» و«فمتلا» (وتعني بالمحكي التونسي: فهمت أم لا؟) الاستفزازية، «ويل...» (عن نص ديدرو النظري «مفارقة حول الممثل»)، «أوتيللو» (عن عطيل شكسبير ورائعة أورسن ويلز السينمائية)، «ضد مجهول»، «المجنون» (عن جبران خليل جبران)... مروراً بسلسلة «كلام الليل» العبثية والهذيانية، ووصولاً إلى «هنا تونس» و«الفلسطينيين» (عن أسير عاشق لجون جوني) و«نوفارينا نو» (عن نصين للكاتب المسرحي الفرنسي المعاصر فالير نوفارينا «رسالة للممثلين» و«من أجل لوي دو فيناس»).
«التياترو» عمره اليوم عشرون عاماً. عشرون عاماً من الإبداع والعطاء. وماذا بعد؟ لعلّ هذا السؤال الساذج يلازم كل مسيرة من هذا النوع، ويمثّل جزءاً من الحيرة المرافقة لإرادة الحياة.