strong>بيسان طيفي لحظات حرجة، حين تشتد المنافسة على الغنيمة يخلع المجتمع المخملي قفّازات الحرير، يشبث أظفاره في وجه المنافسين، ويرمي المتصارعون الحكم أرضاً بحثاً عن قواعد جديدة للعبة. والأهم أن المتفرجين يظلون طوال الوقت مشدوهين لا يفهمون كيف تغيرت خرائط التحالفات، ولماذا صار عدو الأمس هدفاً وجزءاً لا يتجزأ من ضرورات التطور والتوسع العالميين. الحب لم يجمع يوماً بين «ياهوو» و «غوغل»، بل إن المنافسة بين محرّكي البحث أوجدت بينهما نوعاً من الكراهية المهنية التي يمكن تبريرها، لكن العرض الذي تقدمت به شركة «مايكروسوفت» أشعل نار الغيرة في القلوب، كل القلوب، واكتشفت «ياهوو» أن «عشاقها كثر» وما عليها إلّا أن ترتمي في حضن أحدهم، ولكن كما يقول المثل «اللي بدك تحيروه خيرو»، و «ياهوو» محتارة.
قبل شهرين تقدمت «مايكروسوفت» بعرض لضم «ياهوو» وعرضت على الشركة المالكة لمحرك البحث مبلغ 44،6 مليار دولار فيما أُطلق عليه «صفقة العصر» لكن العرض الأولي رُفض «لأنه لا يعطي الموقع حقه».
كتب كثيرون بأنه يُفترض بأصحاب «ياهوو» أن «يستغلوا الفرصة» فشركتهم تعاني مشاكل مادية وقد جاء عرض «مايكروسوفت» لينقذ مكانتها في عالم التكنولوجيا، لكن ما ليس في الحسبان ظهر، شركة «Time Warner AOL» دخلت على الخط، وبدأت المفاوضات مع إدارة «ياهوو»، لتكون الأخيرة هي «الفرع الإنترنت» المرتبط بشركة «تايم وورنر» المالكة لوسائط إعلام، وذلك بعدما تحولت «AOL» إلى عبء تريد «تايم ورنر» التخلص منه، على رغم أن اندماجهما عام 2000 عُدّ أهم اندماج بين شركتين. وتُجري «ياهوو» في الوقت الحالي اختبارات لمحركات «غوغل» لتجري مناقشة شراكة بينهما في وقت قريب. أما «مايكروسوفت»، فقد جاءها نداء من روبرت مردوخ صاحب «News Corporation» ليتقدما بعرض مشترك يضمن لهما مؤسسة قوية على الشبكة الإلكترونية.
فيما كانت «ياهوو» تتدلل مطالبة «مايكروسوفت» بعرض أكبر، أعلنت إدارة الشركة المنتجة للبرمجيات خفض قيمة العرض إلى 42 مليار دولار، بدا هذا التصرف غريباً، فـ»مايكروسوفت» المسيطرة على السوق العالمي، تحتاج إلى «رافعة» افتراضية أي إلى ما يسمح لها بإنتاج وتطوير «برمجيات افتراضية».
لماذا ينقسم أصحاب الشركات الكبرى في «معسكرات»؟ لماذا يتكتّلون في تحالفات؟ ولماذا أيقظ العرض المقدم من «مايكروسوفت» إلى «ياهوو» حب التعاون بين الشركات؟ مرة أخرى إنه الإعلان، تجزم صحيفة «لو موند» الفرنسية بأن الشراكة بين شركتين ستسمح لهما بـ«اصطياد» المعلنين، وهؤلاء هم المموّل الحقيقي لمواقع الإنترنت، وتزيد عائدات الإعلانات على الشبكة بنسبة 30 في المئة سنوياً. من جهة أخرى، تبحث «مايكروسوفت» عن وسيلة لصد تقدم «غوغل» 44،6 مليار دولار، فهذه الشركة التي تجني 95 في المئة من أرباحها من خلال بيع برمجياتها، ستتمكن ـــــ إذا قبلت «ياهوو» عرضها ـــــ من أن تحقّق مكانة كبيرة بين شركات الشبكة الافتراضية، إلّا أن أعباءً مالية كبيرة ستترتب على الصفقة إذا تمت، وقد لفتت «نيويورك تايمز» إلى أن «مايكروسوفت» اشترت شركة «Tellme» بـ800 ألف دولار ودفعت 100 ألف دولار في إطار برنامج الاحتفاظ بموظفي الشركة.