خالد صاغيّةلطالما تسامح اللبنانيّون مع سياسيّيهم: حين قتلوا، حين نهبوا، حين تقاعسوا، وحين ارتهنوا. حتّى حين أشهر الطاقم السياسي إفلاسه عبر استدعاء قائد الجيش ليؤدّي دور المرشّح الرئاسي التوافقي، اصطفّ المواطنون لتلقّي التهاني.
حدث ذلك بعد تجربة مريرة مع ولايتَيِ العماد إميل لحّود، وبعد صراخ ما زال يتردّد صداه حول مساوئ العسكريّ في الحكم. لكن، حتّى الذين رفضوا وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة بحجّة أنّه «من جذور عسكريّة» (والعبارة لرئيس الحكومة السيّئة الذكر فؤاد السنيورة)، عادوا وبالغوا في إغداق المدائح على العماد ميشال سليمان، بوصفه مرشّح الجمهوريّة المثالي.
قام القادة السياسيّون بخيارهم ببهلوانيّة فائقة. لكنّ الأنصار، وهم بحجم الوطن كلّه، صفّقوا للعرض المستمرّ. وأمام هذا التصفيق الذي يذكّر بالاحتفالات الطنّانة لدى وصول لحّود إلى بعبدا ــ وهو جاء، بالمناسبة، «من فرح الناس»، كما صدحت الأغاني ــ لا يسع المرء إلا التساؤل: ما دام قائد الجيش مرشّحاً فائق الجودة، فلمَ لم يُطرَح اسمه قبل الوصول إلى الفراغ؟
أمّا وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه، فهاكم نموذجاً لما بات بوسع المرشّح الرئاسي التوافقي أن يبوح به: «تبرز الإنجازات التي حقّقتها المؤسّسة العسكريّة على أكثر من صعيد، كشعاع أمل وسط الظلام الحالك». تذكّروا هذه الجملة جيّداً. سيأتي يوم نأكل أصابعنا ندماً. ففي بعض الأحيان، أن نلعن الظلمة خيرٌ من إضاءة شعاع أمل.