أحمد الزعترييبدو أنّ السينما ما زالت تختبر قدرتها على استيفاء شروط الحداثة البصرية قبل الاجتماعية، ففيلم الرسوم المتحركة الأول في تاريخ السينما «مغامرات الأمير أحمد» (1926) الذي عرض أخيراً في عمّان، لا تتجاوز حكايته قصص الأطفال البسيطة، لكنّه يحقق مزيجاً بصرياً ثريّاً بالاعتماد على تقنية الظلّ في السينما المبكرة. يخرج الفيلم الصامت من أرشيف الأبيض والأسود بمرافقة مقطوعات موسيقية ألّفها الموسيقيان أجنس بشير (المجموعة الكلاسيكية) وإيليا خوري (مجموعة «نوازن») خصيصاًً له، وتم فيها استحضار المفهوم الشرقي للفيلم بموسيقى سجالية تقودها بالتناوب الموسيقى الشرقية عند مجموعة «نوازن» والأوركسترا الغربية مع المجموعة الكلاسيكية. يروي فيلم المخرجة الألمانية لوتي راينيغير، قصة الأمير أحمد ورحلته في إطار عوالم ألف ليلة وليلة طائراً على فرس سحري، وقصة ولعه بأميرة جزيرة (الواق واق) واختطافه لها، وتكمن الحبكة في صراعه مع السّحَرة والأشرار الذين يحولون دون الظفر بمحبوبته، وتتعقّد القصة بظهور علاء الدين ومصباحه السحري لينقذ الأمير أحمد.
يعتمد الفيلم على تقنية الظل، وهي الطريقة نفسها المستعملة في مسرح الظل والتي تعتمد على تسليط ضوء على الدمى وتحريكها أثناء ذلك لتشكّل الظلال التي تظهر في الكادر. لكن بينما تبدو تلك التقنية سهلة في المسرح، إلا أن صناعة فيلم كامل من خلال قصّ الرسوم وتصوير ظلالها، كادراً بكادر، يحتاج إلى عمل قد يصل إلى ثلاثة أعوام في حالة هذا الفيلم. رغم ذلك، فإنّ عملاً مبكراً في السينما كهذا الفيلم قادر على خلق صور حيوية لا تقلّ حياةً عن صورة شخصيات Pixar وDisney. حتى إن الكوادر في مشاهد المعارك (الساذجة والاستعراضية)، التي تحصل بين الأمير أحمد والأشرار، تبتعد عن النزعة التقليدية للتصوير السينمائي (الفوتوغرافي في هذا الفيلم) عبر التحرّك الحرّ، مغامراً بالابتعاد عن نقطة الضوء الأساسية.