منار ديبعرضت «الجزيرة» أخيراً برنامجاً وثائقياً بعنوان «فرسان مالطا»، من إنتاج الفضائية القطرية وتنفيذ شركة «باور إيمج» وإخراج أسامة العبد. تناول الشريط مسيرة «الهوسبيتاليين» أو الإسبتارية كما سماهم العرب منذ نشأتهم عام 1070، زمن الحروب الصليبية، كمنظمة دينية لمساعدة المرضى في الأراضي المقدسة. وتابع تحولهم إلى منظمة عسكرية شاركت في هذه الحروب، قبل انتقالهم إلى جزيرة مالطا بعد طرد الصليبيين من الشرق، وممارستهم أعمال القرصنة ومهاجمة السواحل العربية في شمال أفريقيا.
لكن أهم ما جاء في البرنامج هو الشق المتمثل في انبعاث هذه المنظمة في أواخر القرن العشرين كمنظمة دينية ذات أهداف إنسانية، مارست أدواراً تعليمية وصحية حول العالم، وخصوصاً في الدول النامية وفي مناطق التوتر والحروب. كل ذلك من خلال مادة وثائقية، تضمنت مقابلات مع مختصين كالأكاديمي المصري قاسم عبده قاسم.
«فرسان مالطا» التي تتخذ من روما مقراً لها ويرأسها فرا ماثيو فيستينغ، تملك تمثيلاً دبلوماسياً في عدد من الدول كأي دولة مستقلة (من بينها دول عربية كالأردن ومصر)، وتملك أيضاً صفة المراقب في الأمم المتحدة. وقد التقى البرنامج عدداً من مسؤوليها الذين أصروا على دورها الإنساني، في محاولة لتبدو المادة المعروضة متوازنة. والبرنامج يضع نشاطها في إطار ما يسمى «هجمة صليبية»، يعززها انتشار لغة أصولية في السياسة الأميركية بعد 11 أيلول. لكن رد البرنامج كان أصولي الطابع أيضاً ومتوافقاً مع هوى القناة القطرية، فهو استعان بتحليلات محمد حسنين هيكل الشخصية، التي تحدث فيها عن صلة بينها وبين شركات الأمن الخاصة في العراق كـ«بلاك ووتر»، ما أكده الصحافي الأميركي جيرمي سكيل، صاحب كتاب معروف عن «بلاك ووتر». والقناة التي بثت العام الماضي برنامجاً شهيراً عن الماسونية، تسهم بشكل إضافي في تقوية التفسيرات المؤامراتية للتاريخ. وقد عرج «فرسان مالطا» على الماسونية، ليؤكد تلك الصلة بينها وبين هذه المنظمة المسيحية. أما بعض من استضافهم البرنامج كالبرلماني الأردني جمال عبيدات، فقد أشاروا إلى انتماء عدد من الرؤساء الأميركيين والمسؤولين الغربيين إلى المنظمة.


لميس ويحيى في دبي
استضاف برنامج «سكووب» على mbc أول من أمس أبطال المسلسل التركي المدبلج إلى العربية «سنوات الضياع»، الذين قاموا بزيارة دبي بدعوة من القناة التي تعرض المسلسل. وعلى ما يبدو، يتمتع العمل باهتمام جماهيري، ظهر من خلال التفاف الناس حول الممثّلين الأتراك، توبا بويوكوستن (لميس)، وسينان توزكو (عمر)، وبولنت إينال (يحيى)، في مراكز التسوّق في المدينة، وانتشار موسيقى شارة «سنوات الضياع» كنغمة للخلوي، وصولاً إلى تقليد تسريحة النجمة توبا التي تلعب دور لميس في النسخة العربية. الممثّلون الثلاثة تحدثوا عن أنفسهم وعن أدوارهم وعن دهشتهم من شعبيتهم لدى الجمهور العربي. واللقاء لم يحمل إضافةً، على الرغم من أن القناة لم تتوقف عن بث إعلان له على مدى أيام. لكن يبدو أن المراهنة كانت على تقريب هؤلاء النجوم القادمين من تركيا من المشاهد على المستوى الإنساني، حتى يعتادهم ويحفظ أسماءهم ويطلب المزيد من المسلسلات لهم.
«سنوات الضياع» الذي دُبلج في سوريا من شركة «سامة»، وقام بأداء الأصوات فيه ممثّلون سوريون، يلقى إقبالاً واسعاً رغم طوله (80 حلقة). وعلى الرغم من تفرّع حبكاته نحو مصادفات هندية، يبدو أن جاذبية صورته المتقنة واعتماده على عدد من الحسناوات استطاعا أن يجذبا اهتمام عدد متزايد من المشاهدين. كما أن توافق طروحاته وطبيعة مشاهده مع المزاج المحافظ للمشاهد الخليجي، قد جعلته أسرع في النفاذ إلى القلوب من المسلسلات المكسيكية الأكثر تحرراً. ولا بد من أنّ اعتماد الدبلجة على اللهجة السورية جعله أخف وطأة من النماذج التي تعتمد الفصحى. «سنوات الضياع» هو العمل التركي الثاني الذي تعرضه mbc بعد «إكليل الورد» الأكثر جدية، رغم أن الأخير لم يحظ باهتمام كبير. إلا أن نجاح «سنوات الضياع» الذي عرضت نسخته الأصلية للمرة الأولى على قناة dtv التركية، دفع بـ mbc إلى تجديد التجربة بعرض مسلسل جديد هو «نور»، ويؤدي الأصوات فيه ممثّلون سوريون أكثر شهرة، كمكسيم خليل ولورا أبو أسعد المشرفة العامة على هذه الأعمال. و«نور» يشترك مع «سنوات الضياع» في كون حوادثه تجري في عالم صناعة النسيج، لكن الأجواء الشعبية التي شاهدناها بكثرة في «إكليل الورد»، وبمحدودية في «سنوات الضياع»، تغيب تماماً في «نور»، لنكون مع مشاهد أكثر أناقة وعصرية.
الدراما السورية ظلت تنافس تسويقياً عبر الأعمال التاريخية ومسلسلات البيئة الشامية والكوميديا، لكن قلّما حظيت الدراما الاجتماعية المعاصرة، حتى في نماذجها الجيدة، بفرص عرض واسعة أو نوعية. بل إن أعمال الأكشن الشعبوية كانت تحظى بفرص أفضل، أما نسبة المشاهدة العالية للدراما الاجتماعية فتكون في سوريا نفسها. ومن هنا، فإن أعمالاً اجتماعية معاصرة، كالمسلسلات التركية، قد تكون بديلاً أوفر إنتاجياً وأسهل تسويقياً، مع بريق وخفّة لا تملكهما الدراما السورية التي تحاول ابتكار حلول للمحافظة على مواقعها. ولنا في الدراما اللبنانية التي قضت عليها الدبلجة خير مثال.
ومع مشاهد استهلاكي يبحث عن التسلية (خليجي في الغالب)، فإن الدراما السورية الجدّية التي يكتبها مثقفون، لن تمثّل إغراءً، فكيف إذا أضيف إلى ذلك آلة إعلامية ضخمة تسهم في ترويج العمل التركي، وأثبتت أنّها قادرة على تشكيل الأذواق؟
“سنوات الضياع” 16:00 / “نور” 17:00 على mbc
منار...