صباح أيوبيتوجّه عجوز ثمانيني إلى البقعة المضاءة بأشعة الشمس من الممر الضيّق في المخيّم... يجلس على كرسي خشبي قديم ويشير بإصبعه إلى الحائط في الجهة المقابلة: «هنا أوقفوهم في صفّ طويل وقتلوهم بالرصاص». ويتابع: «أنا ركضت واختبأت هناك وغطّيت عينَيّ... ما زلت أذكر جيداً... ما زلت أذكرهم». يشيح العجوز بنظره عن الكاميرا وتغرق عيناه بالدموع. هنا، ينتهي التقرير الوثائقي المصوّر في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فننتقل مباشرة إلى استوديو الأخبار حيث تعلن المذيعة، من دون أي تعليق، انتهاء النشرة المفصّلة من قناة «الجزيرة». والتقرير المذكور عرض في نهاية كل نشرة على مدار اليوم. في اليوم التالي، تقرير آخر من عكّا في فلسطين المحتلّة عن طاهر الذي سلبته قوى الاحتلال الإسرائيلي منزله وأقامت كنيست مكانه. وهو لا يزال يملك أوراق تسجيله وحق ملكيته، ولا يستطيع فعل شيء تجاه ذلك... وفي اليوم الذي تلاه، تقرير جديد من بلجيكا حيث يتذكّر خطّاط فلسطيني كيف ترك بلده للعيش في بروكسل منذ بداية النكبة، ليعبّر عن حنين وشوق كبيرين للعودة إلى الأرض الأم...
وهكذا، منذ أيام باتت نشرات الأخبار من قناة «الجزيرة» تختتم بتقارير قصيرة عن موضوع موحّد. ويؤكد مسؤولون في قسم الأخبار في القناة في اتصال مع «الأخبار» أن «الجزيرة» ستتبنى ذكرى النكبة في عامها الستّين عبر عرض تقارير وثائقية، معدّة مسبقاً، من قبل مراسلي المحطة في فلسطين والعالم، على أن تعرض طيلة سنة كاملة.
شرائط قصيرة ترصد بعض وجوه النكبة، وتتوقف عند من عاصروها وعاشوا آلامها، من الأهالي واللاجئين والمهاجرين. روايات مصوّرة من أفواه من عاشها، شهادات من عجائز واكبوا تاريخ الترحيل الفلسطيني وآخرين ما زالوا يعيشون ذكراه يومياً... أوراق ثبوتية، شهادات تسجيل ملكية، مفاتيح المنازل المحتلّة، وقصائد شعرية لفلسطين. بهذا، ستختتم النشرات الإخبارية على مدار السنة على «الجزيرة» التي حوّلت الذكرى إلى حدث يومي لعلّه يبقى في الأذهان... بعد 60 عاماً!