باسم الحكيمتستمرّ غادة عيد في مواجهة «الفساد» على قناة «الجديد». لا تكتفي بالإضاءة على معاناة المواطن والبحث عن حلول مناسبة. إنما تذهب أعمق من ذلك، لتضع إصبعها على الجرح، وتحاول محاسبة «المُفسدين في الأرض». من مقاعد الجامعة حيث تخصّصت في الإعلام إلى قضايا الناس في صحيفة «نداء الوطن». تحوّلت بعدها لمتابعة الملفات القضائيّة، قبل أن تتسلّم القسم القضائي في قناة «الجديد» منذ إعادة افتتاحها عام 2002، إلى أن حان موعد انطلاقة «الفساد» في كانون الثاني (يناير) 2005. هكذا، فتحت أولاً ملف الكهرباء، ثم التدخل الأمني السوري في الجامعة اللبنانية. ومنذ ذلك الوقت، تغوص مساء كل جمعة في قضايا الهدر واستغلال النفوذ والتلوث البيئي والسياسي، إضافة إلى ملفات الزراعة والصناعة والخلوي الذي لا تزال تجمع التواقيع له، علماً أنها تحدثت تفصيلياً عن هذا القطاع في كتاب «الخلوي أكبر الصفقات» (صادر عن شركة «المطبوعات للتوزيع والنشر»).
ترفض عيد وصف برنامجها بالمتحيّز أو الاستنسابي، وتنفي أن يكون منبراً لتصفية الحسابات مع أهل السلطة: «لأن الحلقات لم تُبعد أهل المعارضة عن سيف الانتقاد والمحاسبة، إذ لا نحيّد أي قضية تسيء إلى الرأي العام». إلا أنها تستدرك بأن «الإعلام المُعارض ينتقد عادة أداء أهل الحكم أكثر من أهل المعارضة، لكونهم مطالبين بتقديم كشف حساب إلى الشعب اللبناني». ومع ذلك، تذكّر بحلقات ـ ولو قليلة ـ انتقدت المعارضة لا الحكم، بينها «حلقة ناقشت فيها المخالفات في إدارة السير، وطاولت بالاتهام مجموعات قريبة من حركة أمل». كما تلفت إلى مناقشة ملف الشاحنات على الحدود اللبنانيّة ـ السوريّة، إذ «استقبلتُ سائقين ينتمون إلى تيار «المستقبل»، بعد يوم واحد من الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري. وقد سجلوا اعتراضهم على التمييز في المعاملة بين السائقين اللبنانيين من جهة، والسوريين والأردنيين من جهة أخرى». وتبرّئ برنامجها من تهمة أنه يرى أخطاء الحكومة وحدها، «فقد تطرقنا بالنقد إلى وزارة الصحة التي يتولّاها الوزير المستقيل محمد جواد خليفة، بمعنى أننا ننتقد نهج وزارات من خارج فلك تيار «المستقبل» والرئيس السنيورة».
خلال فترة عرض «الفساد»، رفعت دعاوى عدة على البرنامج وعلى المحطة التي تعرضه... من هنا نسأل عيد، أليس قصر العدالة هو المكان الأنسب لعرض البرنامج؟ تجيب: «حاولنا أن نقدم إحدى الحلقات من هناك، ولم نوفّق». وحين تفسر لها القصد من السؤال، تشرح: «لم ترفع سوى ثلاث دعاوى قضائيّة علينا، أولاها دعوى رمزية من القضاء، لأن المس به والتحدث عن الفساد في القضاء يعد اقتحاماً للمحظورات، والثانية من مدير مكتب وزير الداخليّة، والثالثة من مدير العناية الطبيّة رياض خليفة». كما تشير إلى دعوى حديثة رفعها الوزير السابق نقولا فتوش، بعدما قدمت موضوعاً تحدثت فيه عن التلوث البيئي، وذكرت في سياق الحلقة موضوع الكسارات. ومع ذلك، ترى أن «عدد الدعاوى قليل نسبة إلى عمر البرنامج».
تضع غادة عيد برنامجها في خانة الإعلام الاستقصائي، «لكونه يبحث عن أدلة لمساعدة القضاء والقوى الأمنية وأجهزة الرقابة». لكن هل حقق البرنامج هدفة؟ تجيب: «البرنامج حقق أقل مما خططنا له، لأن بعض القضاء عندنا ليس مستقلاً بشكل تام، وأنا أتحمّل مسؤولية كلامي». وتشير إلى أن «الناس يتطلعون إلى برامج تحاكي قضاياهم ومشاكلهم، ولو لم يكن الجمهور بحاجة إلى هذا النوع من البرامج لما استمر «الفساد» ثلاث سنوات متتالية. أضف إلى ذلك أن البرنامج تحوّل في بعض حلقاته إلى محاكمة علنيّة، بحضور الضيف ـ المسؤول». وتصف البرامج التي تتلقّى اتصالات الناس لتجد حلولاً لها عند أصحاب القرار، «بأنها أقرب إلى الاستجداء». كما تحمّل مارسيل غانم مسؤولية تقصيرية بسبب اتّباعه «أسلوباً غير ديموقراطي حين يسجل مثلاً مداخلة لأحد الصحافيين الاقتصاديين، ثم يعطي وزير المال جهاد أزعور الهامش الأكبر للدفاع عن رأيه، ومن دون مناقشة...». جرأة البرنامج والقضايا الحساسة التي يعالجها، تضعان عيد أمام مواجهة اتصالات التهديد والترغيب والرشوة، كما تقول.
وهذا المساء يعود «الفساد» إلى ملف الكسارات، ويضيء على الأضرار البيئية التي تحدثها الكسارات والمقالع العاملة وفق المهل الإدارية حالياً. كما تسأل عيد عن ملف تعويضات كسارات آل فتوش، وتناقش قرار التفتيش المركزي في هذا الشأن.


20:40 على «الجديد»