strong>صباح أيّوبسيّدتي. الخبر السعيد الذي نستطيع أن نزفّه إليك في يوم المرأة العالمي (8 آذار/ مارس)، هو أنّه أصبح لدينا «مأذونة»... في مصر! أجل، إنّها أمل سليمان التي اعتَبرت ذلك خطوةً إيجابيةً تثبت أنّ المرأة باتت تعامل «كمواطن لا كأنثى». لكن، هل تعرف السيّدة المأذون ماذا يجري لبنات جنسها من المحيط إلى الخليج؟
لنبدأ قصّتنا من مصر: بينما كانت أمل سليمان تتوّج أوّل «مأذونة» في المحروسة، كانت زينب في القاهرة تستعدّ لكي تعيش كابوساً ستبقى آثاره محفورة في جسدها وذاكرتها مدى الحياة.

بعد قليل ستخضع لعملية ختان كمعظم بنات جنسها في مصر، أي نسبة 97 في المئة من بنات مصر (في عام 2003)، حسب تقرير «اليونيسف». بالطبع، الختان عمليّة «مفيدة» (!) توفّر على المرأة أن تقع في أحابيل الرغبة... ما سيوصلنا عاجلاً أو آجلاً إلى ما لا تحمد عقباه! جرائم الشرف مثلاً، تلك التي سبّبت قتل 24 أردنية في عام واحد (حسب موقع «شبكة أمان»)!
أما المرأة العراقية التي كانت تتمتّع بهامش كبير من الحرّية، فحدّث ولا حرج! وأسماء خير مثال على ذلك. في ذاك النهار المشؤوم، توجّهت هذه الشابة إلى «صالونها» في الوزيرية (شمال بغداد) كعادتها كل صباح، وجلست تنتظر زبوناتها اللواتي يأتين ليصففن شعرهنّ. لكن رجلاً غريباً دخل عليها ووضع ظرفاً على الكرسي، وخرج دون أن ينطق بكلمة. فتحت أسماء الظرف ووجودت داخله رصاصة ورسالة تقول: «اغلقي المحل واتركي العمل لأنّه حرام لا يقبله الدين». هكذا، أغلقت أسماء صالون الحلاقة النسائي منذ أكثر من سنة، ولم تجرؤ حتى على تفقّده منذ ذلك الوقت. وهي اليوم جليسة منزلها من دون عمل أو حتى وسيلة تسلية. أسماء كغيرها من النساء العراقيات اضطررن إلى ترك أشغالهنّ تحت التهديد أو الحرمان من التنقّل بسبب الأوضاع الأمنية بشكل عام والتهديد المباشر تحت شعارات دينية متطرّفة.
ومهما كانت فظائع النظام السابق في العراق، فلا بد من التذكير بأن القانون كان يضمن للمرأة حرية العمل، فضلاً عن وجود منظمة «اتحاد نساء العراق» التي كانت تتولّى الدفاع عن حقوق المرأة ورعاية مصالحها. المرأة العراقية تمرّ اليوم بـ«أزمة وطنية» وفق ما جاء في آخر تقرير لمنظمةWomen for Women الدولية.
«لا نستطيع التحدّث مع الجماهير عن تحرّر المرأة في ظلّ المجازر لأنهم سيقولون لنا كيف تتحدثون عن تحرر المرأة والبلد غير محرر!» هذا ما واجهته سهير إحدى الناشطات في حقل الإعلام في بيت لحم في فلسطين المحتلّة، من مشكلات في مجرّد طرح فكرة الاحتفال أو إحياء ذكرى يوم المرأة العالمي. فلم يكن منها إلا أن حوّلت المهرجان الذي كانت تنوي تنظيمه للمناسبة إلى «مهرجان تضامني مع أهل غزّة»، كما غيّرت شعار المناسبة ليصبح «وحدة أرض، ووحدة شعب... يداً بيد لتحرير النساء»!
«لا يوجد لحظة أمن في حياتنا في قطاع غزّة. الدبابات والطائرات في كل مكان، ويوم الثامن من آذار/ مارس لا قيمة له في مسيرة المرأة الحافلة، فهناك مشروع كبير هو التحرر الوطني الذي يجب علينا إنجازه، ولا يمكن فصله عن المرأة. لدينا أسيرات في المعتقلات الإسرائيلية، وأمهات يفقدن أولادهنّ ونساء يقتل أزواجهنّ أمام أنظارهنّ». هكذا عبّرت راوية من قطاع غزّة عن وضع النساء الفلسطينيات الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
هل ننتقل الآن، سيّدتي، إلى المملكة العربية السعودية؟ نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هناك يرى أنّ «قضايا العنف ضد المرأة ليست من أولويات الجمعية»، في مملكة لا تزال المرأة فيها ممنوعة من الانتخاب وقيادة السيارة والخروج من المنزل بمفردها ومن دون حجاب، وحيث تبلغ نسبة النساء العاملات 5 في المئة فقط، وفق آخر تقرير لوكالة الاستخبارات الأميركية (فاكتبوك).
في لبنان، لا داعي للقلق! أمال اللبنانية تعمل ليل نهار لتأمين لقمة عائلتها، وهي بكل صراحة لا تولي أهمية كبيرة للاحتفال في هذه المناسبة اليوم... لأن «الهمّ الأساس هو الوضع السياسي والأمني والمعيشي في البلد... وبعدها نفكّر بالحقوق والواجبات»!