عبد الحليم المسعودي لا يزال الفرنسي جان لوك غودار أسطورة في أذهان العديد من محبي السينما والمخرجين والنقاد في تونس، ويكاد اسمه يلتصق في الأذهان برمزية «الشباب» التي تحوّلت إلى ميثولوجيا ثقافية وسينمائية، مع ظهور ما عُرف بالموجة الجديدة في ستينيات القرن الماضي في فرنسا، تلك الفترة التي كانت مشحونة بإرهاصات التغيير الاجتماعي والسياسي والفكري الذي عبّرت عنه الثورة الطلابية في أيار (مايو)
1968.
ويبقى غودار رأس الحربة من بين مجموعة من المتمرّدين على السينما السائدة، أمثال فرنسوا تروفو وإريك رومر وجاك ريفات وكلود شابرول، بل كان أكثرهم تميزاً، ليس على مستوى طرافة أعماله فحسب، بل بسبب قدرته المذهلة والذكية على إثارة الجدل عن الموجة الجديدة كتيار فكري وفلسفي يعبر عن نفسه من خلال السينمالكنّ أعمال غودار الأولى ما زالت مجهولة بالنسبة إلى الجيل الشاب في العالم العربي إجمالاً، لذا، عمد المعهد الفرنسي في تونس إلى تنظيم تظاهرة تستعيد مجمل أعمال غودار السينمائية التي شكّلت مسيرته الإبداعية منذ الستينيات حتى أواخر التسعينيات، وقد تعاون في ذلك مع صالة «أفريكا آرت» (إدارة الحبيب بالهادي)، وفضاء الحمراء الثقافي (إدارة عز الدين قنون)، و«ميدياتيك شارل دوغول» التابع للسفارة الفرنسية في تونس. وهي الفضاءات التي احتضنت شاشاتها الأعمال «الغودارية»، إلى جانب تنظيم «المعهد العالي للفنون المتعددة الوسائط»، التابع لجامعة تونس، ندوة عن المدوّنة السينمائية عند غودار... وقد أشرف عليها ألان بيرغالا أحد كبار الممتخصّصين في سينما غودار، وأحد الأقلام النقدية الشهيرة في مجلة «دفاتر السينما» الباريسية العريقة. كما ألقى هذا الأخير سلسلة محاضرات حول تاريخ سينما الموجة الجديدة، والموقع الخاص الذي يحتلّه غودار على خريطتها.
أمّا أعمال غودار التي عُرضت فهي «الجندي الصغير» (1960) الذي يروي مغامرة شاب يهرب من الخدمة العسكرية إلى سويسرا، ليتعرف إلى مجموعة من المقاومين السريّين لتحرير الجزائر، و«الامرأة امرأة» (1961)، و«بيارو المجنون» (1965)، وهو عبارة عن ملحمة إجرامية تقود شاباً وشابة إلى التوغل في تجربة العلاقة الزوجية من منطلق نظرتهما الخاصة إلى الحياة والسياسة والمجتمع. و«ألفا فيل» (1965)، و«مذكّر مؤنّث» (1966)، وهو شريط مستوحى من قصّتين قصيرتين للكاتب الفرنسي غي دو موباسان. هذا إضافةً إلى «أمرين أم ثلاثة أعرفها عنها» (1966)، وهو شريط عن الدعارة، صوّره غودار انطلاقاً من دراسة ميدانية سوسيولوجية... و«صنع في أميركا» (1966)، وهو شريط مقتبس عن رواية الكاتب الأميركي ريشار ستارك، و«الاحتقار» (1963) عن رواية الكاتب الإيطالي الشهير ألبيرتو مورافيا، ويروي إخفاق العلاقة الزوجية بين كاتب سيناريو وممثلة سينمائية، و«واحد وواحد» (1968) وهو عبارة عن تسجيل لإحدى حفلات فرقة «رولينغ ستونز» في لندن... فرصة ثمينة لاكتشاف، أو إعادة اكتشاف، أحد الكبار في تايخ الفنّ السابع.


www.familiaprod.com