خالد صاغيّةغالباً ما يتّهم أقطاب 14 آذار قوى المعارضة بالانفصال عن الواقع واستدعاء الغيب، غامزين من قناة حزب اللّه وعقيدته الدينيّة. لكن، بعد المؤتمر الصحافي الأخير للأمانة العامة لقوى 14 آذار، لا يمكننا إلا التساؤل: أهو الغَيْب الذي يحكم خطاب انتفاضة الاستقلال أم هو الهذيان المطلق؟
فأنصار 14 آذار وأمانتهم العامّة مقتنعون بأنّ انتفاضتهم المجيدة هي التي نجحت «في إرغام نظام حكم استبدادي على التراجع والانسحاب». وذهب منسّق الأمانة العامة بعيداً في تهيّؤاته، مشيراً إلى أنّه «للمرّة الأولى ينسحب جيش كالجيش السوري في لبنان دون تدخّل أجنبي» هكذا. فالقرار 1559، والتوافق الفرنسي ـ الأميركي، كانا من العوامل الثانويّة مقارنةً بخطاب نائلة معوّض الذي أرعب النظام البعثيّ في دمشق.
وأنصار 14 آذار وأمانتهم العامّة مقتنعون بأنّه في ذاك التاريخ المجيد، «لمس اللبنانيّون قوّة وحدتهم واختبروا أن لا سيادة ولا استقلال إلا من خلال الوحدة الوطنية». سنتجاوز إنجازات قوى 14 آذار العظيمة في ضرب الوحدة الوطنية على مدى ثلاث سنوات، ونكتفي بالتذكير بأنّ تظاهرة 14 آذار قد قامت أصلاً ردّاً على تظاهرة 8 آذار التي شاركت فيها طائفة كبرى لم تتّسع لها صدور الثوّار الرحبة.
أمّا آخر الابتكارات الفنّية للأمانة العامّة لـ«الثورة المغدورة»، فتقسيمها تاريخ لبنان القريب إلى حقبتين: «التدخّل الإسرائيلي» و«الوصاية السوريّة». بقي على مندوب القوّات اللبنانيّة، إدي أبي اللمع، أن يشرح لزميله إلياس عطا اللّه إيجابيّات ذاك «التدخّل».