خالد صاغيّةبعكس ما قد يظنّه البعض، إنّ حركة 14 آذار ليست ضدّ المقاومة. فورقة العمل التي أطلقتها تطالب بـ«إعادة الاعتبار لفكرة المقاومة». لكنّ الحركة ترى، على ما يبدو، أنّ لبنان لا يتمتّع بحركة مقاومة، إذ «ليست مقاومة تلك التي تقوم على قاعدة فرز الشعب بين أكثريّة خائنة وأقليّة وطنية».
لا نعرف عن أيّ نموذج مقاوم تتحدّث ورقة 14 آذار. ما نعرفه من الأمثلة التاريخيّة هو أنّ المقاومة كانت دائماً فعلاً يقوم به جزء من الشعب المحتلّة أرضه، فيما يرفع الجزء الآخر شعار «بدنا نعيش»، داعياً إلى الكفّ عن الأعمال العسكرية في مواجهة المحتلّ. قد يناقش المرء في دلالات مصطلحَيْ الخيانة والوطنية. فبإمكان حركة 14 آذار مثلاً أن تدّعي أنّ كلّاً من بيتان وديغول أحبّ فرنسا على طريقته. لكنّ ثوّار الأرز لا يمكنهم الادّعاء أنّ المقاومات تشهد عادة وحدة الشعب خلف المقاومين، اللهمّ إلا إذا كانت الحركة تحنّ إلى الحقبة السوريّة، يوم كان الإجماع «اللفظي» على المقاومة يُفرَض فرضاً.
تمضي الوثيقة في إنشائيّتها، فترى أنّ المقاومة «هي أقوى، إذا كان المجتمع موحّداً، والدولة فاعلة، والجيش قويّاً، والاقتصاد ناشطاً». فتغفل أنّ المقاومة، تعريفاً، تشاطر الدولة «حقّها» في احتكار العنف، وتشاطر الجيش واجبه في الدفاع عن الوطن، وأعمالها العسكرية تعوق بعض النشاط الاقتصادي، وأنّ كلّ ذلك لا بدّ من أن يخلق جماعة من المواطنين تتناقض مصالحهم مع وجود المقاومة، فيغدو التغنّي بوحدة المجتمع مجرّد قصيدة بلهاء... وكم امتهنت حركة 14 آذار نظم قصائد كهذه.