نوال العليكتب لو جي عن متر من الحرير، حيث الفضاء اللامنتهي... كان ذلك في “ون فو” كتاب “الفن الشعري”... إذا وقفت على تلة قريبة من بيتي، أفكر أن الوقت يمضي، ولم أر متراً من الحرير الطبيعي في حياتي... رأيت أغناماً كثيرة، دودة القز لم تكن هنا، وكذلك التوت البري...
لا أفكر في الفضاء أمامي... أحدّق في الوادي ثم أعود أدراجي.
الشعر جزء من البؤس هنا، خاصة أثناء المشي في سوق شعبي، والتفتيش عن زقاق ليس فيه أولاد.
كذلك الأمر عند سلق دجاجة، الشعر يزعج مثل شعرة لوّثت طعامي.
أووف...أنا حاقدة،
لأني لم أكتب قصيدة في حياتي، وإذ قيل عني شاعرة أضحك، أحك ربلة ساقي وأسأل الجميع: ماذا تشربون؟
لم أكتب مجموعة شعرية، ألّفت كتاباً عن الفوضى، وسـأصدر كتاباً آخر عن الانسجام مع الفوضى. أنا غيورة أيضاً، وإذا قرأت قصيدة جميلة لا أنام... أشمّ رائحة شواء في نار مرسومة بالأزرق، في حلم تآكل طلاؤه، في الغرفة الهادئة الطبع، حيث الليل يدوس بقدميه صدري البائس: قلت لسلفيا بلاث.
أكتب كما أعيش بالضبط، ما أكتبه فظ. ما أقوله يشبه سلق الدجاجة نفسها مرتين، أتكلم وأسمع صوت بقبقة ماء يغلي.
أحياناً يتردد صوت أرجوحة قديمة، الكاميرا تنتقل من المطبخ إلى الحديقة. الشعر يتحرك في الاتجاه الآخر: من الحديقة إلى المطبخ. المخيلة تتوقف عن الطهو في نهار بارد.
قال غامونيدا الشعر فن الذاكرة... الذاكرة وعي بالفقدان. وقال أيضاً الشعر ليس أدباً، إنه واقع والأدب خيال.
لم أفكر كثيراً في الخيال، هذا يفوق طاقتي، لكني قرأت عن الـ“مان يو شو” يعني العشرة آلاف ورقة... لذلك أستيقظ وأنا أنتظر قصيدة. أمطّ ذراعي للأعلى، أرفع جذعي وأثني خصري إلى الوراء...
القصيدة دودة قز. أنا ورقة توت. وأنا كذلك جبل ينتظر التعلق بتلك الضبابة الهادئة، حين تعبر قريباً من الأرض...
تتساءل هيلين سيكسو في “بصمات الجذور”: ممّاذا ينطلق المرء في الكتابة، عندما يكون صغيراً، عندما يبدأ؟ أولاً: من حقيقة أنه رُمي إلى اللغة، وأنه يعرف كيف يسبح فيها، ثم بمهارات القوى، فالكتابة فعل أو مجهود جسدي.
من يواسيني الآن؟
الكتابة مهارات خفة اللغة... أنا ثقيلة الظل، أفكاري أنانية ومتناهية في الصغر... هل الكتابة مجموعة أفكار أنانية صغيرة؟
مرة فكرت بنفسي كساحرة شريرة. الشعر قبعة، من هناك تطير الحمامات الموهومة بالشخص الواقف خلف حاجز الخدع البصرية. وهناك أيضاً تتقافز الاحتمالات كالأرانب المحمولة من أذنيها. كتبت هذه العبارات بسرعة قبل أن أسمع صافرة غليان
الإبريق.
الصفحة التي تكتبها سيكسو في الداخل. “أقل خارج ممكن، وأقرب ما يمكن للجسد، كما لو أنّ جسدي يغلف ورقتي الخاصة...”. لم أكن قرأت عبارتها حين دوّنت ملاحظة على جدار حجرة النوم: أمام الكتابة، جسدي حاجز وهمي، أكتب وأترك يرقاتي تخرج من سُباتِها إلى الريح. أجلس على طرف الصفحة، قدماي المتدليتان تداعبان تدفقات النبع بنعومةٍ واسترخاءٍ. ثمةَ هدوء مغوٍ.
لست شاعرة. أحاول قراءة قصيدة جميلة من خلف النافذة، فتتكرمش يدي. أوراق شجر وصحف قديمة تتراكم، حتى إني أجد صعوبة في فتح بوابةٍ عبرتها للتو.