يبلغ كرنفال الريو الذي يُعَدُّ أضخم مهرجان استعراضي في العالم، ذروته يومي الأحد والاثنين المقبلين مع وصول قوافل مدارس السامبا إلى ساحات العرض التي أخليت للمناسبة.وكان قد وصل أكثر من 700 ألف سائح، بينهم 30% أتوا من الخارج إلى ريو دي جانيرو التي تلقب بـ«المدينة المذهلة» للمشاركة في الاحتفالات، في حين أن آلافاً آخرين سيتابعون الكرنفال في سلفادور وريسيفي، وهما معقلا الكرنفال في شمال شرق البرازيل.

الاحتياطات الصحّية

وفي هذه الفترة التي تشهد ميلاً مفرطاً لإقامة العلاقات الجنسية العشوائية واستهلاك المشروبات الكحولية مثل البيرة أو «كايبيرينا»، رأى الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا مناسباً أن يوجه نداءً إلى «الاعتدال». ودعا الرئيس في خطابه الذي سبق إطلاق المهرجان إلى الاستمتاع «لكن بمسؤولية». وقال بلهجة واعظة: «لا يحتاج أي كان إلى أن يشرب وأن يفعل أي شيء خارج عن المألوف ليستمتع بوقته».
لكن هذا النداء لم يمنع الحكومة من اتخاذ الاحتياطات المناسبة ككل سنة. اذ سيُوزَّع أكثر من 19.5 مليون واقٍ ذكري مجاناً لتجنب الإصابات بأمراض تنتقل عدواها عبر العلاقات الجنسية.
وقد ذهبت بلدية ريسيفي (شمال شرق البرازيل) إلى أبعد من ذلك بتوزيعها «الحبوب المجهضة» التي تأخذها النساء بعد العلاقة الجنسية لتجنّب الحمل، طوال فترة الكرنفال. وسعت الكنيسة الكاثوليكية إلى منع تطبيق هذا الإجراء، لاجئة إلى القضاء، ومدينة تلك الوسيلة، مشيرة إلى أنها تحث الشباب على إقامة علاقات جنسية في سن مبكرة. لكن الشكوى التي تقدم بها كبير أساقفة ريسفي جوزيه كاردوسو سوبرينو ووجهت برفض القاضي، فيما اتهمت الحكومة سلطات الكنيسة بالتدخل في شأن يخص الصحة العامة.

أمن الكرنفال

ومسألة الأمن هي أيضاً من الاهتمامات الرئيسية خلال الكرنفال. وقد اختار عناصر الشرطة العسكرية في ريو دي جانيرو هذه الفترة للضغط ولطرح مطالبهم برفع الأجور.
وقد أشعلت تظاهرة على شاطئ ايبانيما (ريو) ضمت 500 عنصر من هذه الشرطة الشرارة وأثارت أزمة بين ولاية ريو وهذه القوة المكلفة خصوصاً أمن الكرنفال.
وقال وزير الأمن في ولاية ريو دي جانيرو جوزيه ماريانو بلترامي وهو القائد العام لهذه القوة وتسعة مسؤولين عن وحدات فيها متهمين بعصيان الأوامر بسماحهم بهذه التظاهرة. وقدم 47 ضابطاً من الشرطة العسكرية استقالتهم تضامناً مع المسؤولين الذين أُقيلوا. ووسط هذه الاضطرابات، أكّد الجانبان أن أمن الكرنفال لن يتأثر. وأكد بيلترامي أنّ «هناك قيادة ستتخذ القرارات المناسبة. يمكن الناس أن يطمئنوا. يمر الكرنفال على ريو عادة بهدوء». وقد نُشر أكثر من 9700 من عناصر هذه الشرطة لهذه المناسبة.

مدارس السامبا

وكما في كل سنة سيتمركز عدد كبير من هؤلاء على جادة «سامبودروم» التي تمتد على 900 متر وتقام فيها المنصات في وسط المدينة، حيث تقوم 12 مدرسة رئيسية في رقص السامبا بعروض مع أكثر من 50 ألف متفرج في كل ليلة.
لكن إحدى المدارس هذه «أونيدوس دو فيرادورو»، وهي آخر من سيقوم بعرض ليل الأحد ستمنع من إمرار إحدى عرباتها.
فقد منع القضاء في ريو دي جانيرو أول من أمس أن يتخلل عرض هذه المدرسة عربة تمثل جثثاً متكدسة لضحايا المحرقة يقف عليها راقص متنكر بزي أدولف هتلر.
ورأت القاضية جوليانا كاليخزستيم أن الكرنفال «يجب ألا يمثّل أداة لثقافة الحقد أو أي شكل من أشكال العنصرية أو امتهان الأحداث الوحشية، بل هو وسيلة لعرض المظاهر الحضارية والثقافية الخاصة بكل بلد».
وقد أثارت أخيراً الملاحقة القضائية لإحدى أشهر مدارس السامبا أخيراً التي تدعى «مانغييرا» الشكوك في أخلاقيات تلك المدارس وسلوكياتها، إذ تشكّ الشرطة المحلّية بإمكان ارتباطها بجماعات تهريب المخدرات في البرازيل، وذلك بعد تسجيل فيلم مصوّر لأعضاء فرق تلك المدرسة يشاركون بحفل زفاف أحد أكبر «لوردات» تجار المخدرات في البلد.
وسعى المنظمون إلى إنشاء موقع خاص بكرنفال الريو وهو www.rio-carnival.net يتضمّن معلومات تفصيلية عن الكرنفال كخريطة سيره وأماكن حجز البطاقات وشراء الملابس والمدارس المشاركة وأشهر أغاني السامبا وروزنامة الأحداث المرتقبة خلال الكرنفال وتذكير بالمهرجانات السابقة وتعليمات عن طريقة المشاركة، إضافة إلى لمحة تاريخية سريعة عن نشأة المهرجان وتحوّله إلى تقليد سنوي منذ عام 1850.

حقائق

يمتد الكرنفال على مدى 4 أيام (غالباً ما يبدأ يوم الأحد الذي يسبق الصوم) وذلك قبل 40 يوماً من عيد الفصح (عند الطوائف الغربية). ويعدّ المهرجان فرصة أخيرة للتمتّع بملذّات الحياة قبل الامتناع عنها كلّياً مع بدء الصوم. وغالباً ما يتزامن الكرنفال مع شهر شباط وهو أكثر الأشهر حرّاً في أميركا اللاتينية، حيث يبلغ فيه الطقس الصيفي ذروته.
ويتضمّن الكرنفال: استعراضات راقصة لمدارس السامبا (بكلّ فئاتها وصولاً إلى أطفال السامبا)، حفلات راقصة مفتوحة في الشوارع تنتهي بسهرة الأقنعة، عروض موسيقية حيّة مع مئات الفرق البرازيلية والعالمية، قوافل العازفين على الطبول، استعراض المجسّمات، مباريات أفضل أزياء استعراضية...
(أ ف ب، الأخبار)