بعد التلفزيون والانترنت، «المتّهمَين» الأساسيَين بسرقة القرّاء وإضعاف نسبة إنتاجية الأدب وركود أسواق النشر، «خطر» جديد يهدّد الروايات والموسوعات وعالم الورق المطبوع، وهو الكتاب الالكتروني أو الـe-book الذي اختتمت به سنة 2007 سجلّ إنجازاتها الالكترونية لعام. وها هي الـ2008 تفتح الساحة لعهد الكتروني جديد يضع سوق الكتب المطبوعة وعمل دور النشر على المحكّ. فهل سيُحرَم محبّي الورق من التمتّع برائحته وبألوان الحبر وسماكته وتقليب صفحات الكتب والروايات؟ هل ستقفل دور النشر وتصبح المكتبات العامة من الذاكرة؟ بعد الـ«آي بود» و الـ«آي فون» وأدوات تحميل الموسيقى والصور على اختلافها، جاء دور الكتب والموسوعات التي أصبح بالامكان تحميلها أيضاً على آلة صغيرة، يقرأها أو يسمعها الكترونياً الراغب في ذلك. وفيما تعود المحاولة الأولى لنقل المطبوع الى الكتروني لعام 1971 مع «مشروع غوتنبورغ» الذي شكّل أول مكتبة الكترونية مع نصوص على شكل «ديجيتال»، ظهرت تباعاً عدّة مكتبات اتبّعت النظام نفسه كـ«المكتبة الرقمية الأوروبية» و«مكتبة الأونيسكو الرقمية» التي رفعت وقتها لواء «المحافظة على التراث الأدبي وذاكرة الشعوب من خطر الزوال» فحوّلت أبرز المنتجات الأدبية الى ملفات رقمية تخزّنها في ذاكرة أجهزتها الخاصة. ثم انضمّت بعض الموسوعات العلمية الى النظام الرقمي وهي تحقق اليوم أرباحاً طائلة والطلب عليها في تزايد مستمر. وفي محاولات جدّية أخيراً، قدّمت «أمازون» و«غوغل» و«ياهو» برامج رقمية لنسخ مطبوعة من الكتب والروايات، بانتظار مبتكرات «مايكروسوفت» و«نوكيا» و«أبل» التي تعمل على تطوير تقنيات جديدة في هذا المجال. أما الرائدة في الـ«إي بوك» لغاية الآن فهي شركة «سوني» اليابانية التي ابتكرت نسخة متطورة جداً من الكتاب الالكتروني.
وتماشياً مع هذه الظاهرة تحوّل بعض الكتّاب الى روائيين الكترونيين وذلك بكتابتهم المتخصصة بهدف النشر الالكتروني، ومن أبرزها الروايات الخيالية.
وقد أحسّ معظم أصحاب دور النشر بالخطر المحدق بهم وبعملهم والذي يهدد وجودهم، وهناك محاولات اليوم لإنشاء دور نشر الكترونية تُعنى بإنتاج ونشر الكتب في مواقع خاصة على الانترنت.
والبعض يبشّر ببدء اتباع نظام الكتب الرقمية في المناهج المدرسية حيث ستبدأ القواميس وكتب تعليم اللغات باقتحام المكتبات المدرسية ووسائل التعليم التقليدية.
وفيما يقول بعض الكتّاب إن النظام الالكتروني يوسّع إطار ورقعة قرائهم الجغرافية اضافة الى سرعة انتشار إنتاجهم، يرفع بعض معارضي هذه الظاهرة الصوت عالياً منبهين من أخطارها. فإضافة الى دور النشر وأصحابها ومجموعة الأدباء التي لن تعتاد على الكتابة الالكترونية لجمهور رقمي، يقف بعض علماء الاجتماع ليشيروا الى خطر زوال ظاهرة المكتبات العامة التي تعدّ مكاناً للالتقاء الاجتماعي والاختلاط وتبادل الأفكار وإحياء الحياة الثقافية الاجتماعية. وباعتماد الكتب الالكترونية، سيفضّل البعض الانزواء في زاوية صغيرة داخل منزله وفي جعبته موسوعات وكتب وروايات تغنيه «بكبسة زرّ»، عن الذهاب الى المكتبات والاختلاط بالناس ما سيعزّز ظاهرة الانعزال عن المجتمع.
(الأخبار)