نوال العلي
في «نساء المنكر» (دار الساقي)، تحكي سمر المقرن قصّةً عن إنسانية منتهكة تقف على حدود الانهيار طيلة الوقت، وهي حكاية خطرة لا يمكن إنكار أهميتها. لكنّ كتابتها جاءت فقيرة أسلوباً ولغةً غير واعية لما تقوم به، رغم محاولات تطريزها بما يفيد مغازلة الغرب. إذ إنّ هذه الروايات ستباع وتترجم وتنتشر سريعاً لأنها ما يريد الآخر سماعه بالضبط عن المجتمع السعودي (حقّقت الرواية المبيعات الأعلى لـ «دار الساقي» في معرض بيروت الأخير للكتاب).
تدور أحداث «نساء المنكر» حول سارة، وهي امرأة سعودية تحاول طلب الطلاق لمدة ثمانية أعوام، لكنها لا تنجح. أثناء ذلك تقع في غرام رئيف وتسافر معه إلى لندن، ليقضيا عشرة أيام يمارسان فيها الحب ويعيشان قصتهما الصغيرة بهدوء. ولدى عودتهما إلى الرياض، تلتقي سارة رئيف في مطعم للعائلات، وهناك تلقي هيئة النهي عن المنكر القبض عليهما وتضعهما في السجن. وعندما تخرج من السجن تقيم مع والدتها وتضطر إلى العمل خادمةً في الأعراس ليكون أول عمل لها في عرس رئيف حبيبها، النهاية المثالية لـ «فيلم مصري» (بالمعنى الميلودرامي السائد)!
تفوت الروائية فرصتها السردية حين تغفل تعميق المقارنة الخفية، وغير المستغلة بين حالة الحب نفسه في مكانين. فالعاشقان يكونان أولاً في لندن، ثم تنتقل بهما إلى الرياض. كما تفلت مرة أخرى زمام روايتها، حين تمرّ مروراً عابراً على معاناة المرأة السعودية في السجن. بل إنّ المقرن لا تنتبه لثُغر كثيرة في تفاصيل القصة نفسها. أمّا أسلوب السرد، فيوصف إما باستغفال القارئ أو غفلة الكاتب، وخصوصاً حين تلقم المقرن المتلقّي عبارة هنا، وأخرى هناك، لتنتقد التقاليد والأعراف بلغة أقرب ما تكون إلى التفكير الساذج. وعندما تحاول أن تضع ثقلاً في روايتها، تروح تذكر أسماء معارضين سعوديين عُرفوا في لندن مثل سعيد الفقيه ومحمد المسعري. لكنّها تمرّ عليهم مرور الكرام، فيما تشير إلى بعض الأحاديث النبوية لتظهر أنّها تهجو السلطة الدينية. خلاصة القول إنّ الرواية تجعل من قضية المرأة نكتةً سمجةً بدلاً من طرح الأسئلة.
في نهاية المطاف، قد يصعب فصل مساحة الرواية عن مساحة الحركة الضيقة نفسياً وذهنيّاً وفعليّاً لتلك المرأة في مكان وزمان محددين... لكن هل ينبغي أن نعامل الرواية السعودية معاملة خاصّة، كطفل علينا مراعاة خطواته الأولى؟ أم نصغي باهتمام وقسوة نقديّة إلى فورة إنتاجيّة تندرج ضمن تاريخ الرواية السعودية الذي يُعدّ في بداياته؟ الرواية النسائيّة تحديداً، بدأت في السعودية عام 1963 مع «بريق عينيك» لسميرة بنت الجزيرة، وتواصلت بمستويات جماليّة متفاوتة مع روائيات مثل رجاء عالم ونورة الغامدي وبدرية البشر وزينب حفني ثم ليلى الجهني... ثم برز في العقد الأخير الجيل الجديد، من أمثال رجاء الصانع وصبا الحرز...
والسؤال المطروح هو: كيف يمكن تقويم الرواية وإنصافها حقاً في الوقت الذي يكون فيه محو أمية المرأة السعودية قد ظل حتى عهد قريب موضع نقاش؟ وكيف تعيش الآن هذه الكتابة بدايات تجاوزها، أصلاً، الإبداع في المنطقة العربية؟