علاء اليوسفي
ما الذي يجمع «السيد» و«الجنرال»؟ هي وثيقة التفاهم. جواب صائب. لكنّ السؤال يتعلّق بالجانب الشخصي وليس السياسي. جان عزيز؟ جواب ظريف، لكنّه شكلي. نطرح السؤال بصيغة أخرى: هل بينهما كيمياء أم تقارب روحي؟ عزيز يسأل هذه المرة ويجيب السيد في سياق الحلقة.
التاسعة من مساء أوّل من أمس، أطلّ جان عزيز في الموعد المحدّد. مقدمة حلقته بدأت تستنزف صبر المشاهدين المترقبين بلهفة اتساع الكادر. فالحلقة تجمع للمرة الأولى في «لقاء خاصّ» قائدي أبرز الأحزاب اللبنانية، والجمهور يتلّهف إلى رؤية المشهد كاملاً، فالصورة ربما لن تتكرر. يتّسع الكادر. يبدو حسن نصرالله إلى يمين جان عزيز وميشال عون إلى يساره، وفي أسفل الشاشة، تعانق شعارا حزب الله والتيار الوطني الحرّ مع العلم اللبناني إلى يسار عبارةٍ تعرّف بمن لا يحتاج إلى تعريف... ميشال عون من جهة، وحسن نصرالله من جهة أخرى.
«جبل على جبل ما بيلتقوا» سبب آخر أورده عزيز عن صعوبة إجراء هذا اللقاء عندما كان لا يزال مجرد فكرة في مرحلته الجنينية. لكنّ الفكرة نجحت وحلم عزيز تحقّق. إطلالة نصرالله الأولى على شاشة OTV وإطلالة عون الثالثة، تتقاطعان في أول لقاء بينهما منذ تشرين الثاني (نوفمبر) من العام المنصرم. طغت على الحلقة وديةٌ لم تنل من وهجها الندّية بين الرجلين، والافتراق في النظرة العقائدية والفكرية إلى الدولة. وبقيت هذه الودية صامدة أمام أسئلة محرجة لم يتهيب عزيز من طرحها على ضيفيه. في الشكل، كان اللقاء عاقلاً ومتزناً، بدا الضيفان مرتاحين يتحدثان بنبرة هادئة. أما في المضمون، فكان راقياً في الطرح السياسي غير المنفعل وغير الصاخب. وبين الشكل والمضمون، نجح عزيز في تقديم لقاء نأى بنفسه عن أن يكون طرفاً فيه، معتصماً بحياد أتاح له توجيه أسئلة استعارها من سلّة الخصوم السياسيين. وتجاوزها عون ونصرالله بسلام، باستثناء بعض الارتباك الناتج عن أسئلة المضيف «غير المسايرة». اختار عزيز أن يبدأ لقاءه بأسئلة شخصية: كيف كان عون ونصرالله ينظر كل منهما إلى الآخر قبل توقيع الوثيقة؟ بتواضع يتخلّله الخجل، جلس نصرالله وعون يستمع كل منهما إلى ما يقوله الآخر عن شخصه. تسرق الكاميرا وجه عون خلال حديث نصرالله، ابتسامته تشي بمودة. تلتقط وجه نصرالله خلال حديث عون، شعور بالامتنان يبدو جلياً على محيّاه.
خلال الحلقة تبادل الضيفان «التمريرات» وحاول نصرالله التفلّت من الإحراج الذي سببته أسئلة عزيز الشخصية، فتدخّل بدبلوماسية ليقول إن جميع من يعرف عون ونصرالله عن كثب، يعلم رأي كل منهما بالآخر. لكن عزيز بدا مصرّاً وسأل عن العلاقة الشخصية وسرّ «وحدة الحال» الذي يُقال إنه غلب عليهما منذ اللقاء الأول، فأجاب نصرالله «يتحدثون عن الكيمياء التي تجمع شخصين، وهذا الكلام العلمي شبيه بالحديث الديني عن الاتفاق بين الأرواح، وقبل الكنيسة لم يكن هناك لقاء سابق بيننا، لكن لم أشعر للحظة أننا نلتقي للمرة الأولى، وهذا الأمر إمّا له علاقة بالكيمياء وإما بالأرواح». الوئام والاحترام المتبادل اللذين جسّدهما عون ونصرالله خلال اللقاء الخاص كان بمثابة رسالة أرادا أن يبعثا بها إلى اللبنانيين لا سيما جمهورهما. رسالة أرادا عبرها بعد أحداث مار مخايل أن يثبتا أنّ التحالف ما زال صامداً ومتيناً، فهل نجحا في ذلك؟ الجواب عند المشاهدين. لكنّ الخطاب المتزن في الحلقة معطوفاً على انسجام في النظرة السياسية لعب دوره بلا شكّ.