في تمّوز (يوليو) الماضي، وصل مدير «مهرجان برلين» ديتر كوسليك إلى القدس، بدعوة من مهرجان القدس السينمائي الذي تنظّمه «سينماتك القدس» و«مركز الفيلم الإسرائيلي». كان همّ كوسليك البحث عن أفلام جديدة يستقبلها في دورة برلين الحالية. ممثّل ألمانيا التي ما زالت تبحث عن وسائل للتكفير عن خطاياها الفظيعة بحق اليهود، استجاب كثير من السينمائيين الإسرائيليين لدعوته الكريمة التي تتزامن مع الاحتفالات بما يراه الكيان الصهيوني «ذكرى استقلاله» الستين. وكانت النتيجة حشداً من الأفلام الإسرائيلية في الدورة الحالية من المهرجان، بينها «قلق» لعاموس كوليك في المسابقة، ويتناول رحلة جندي شاب إسرائيلي لملاقاة والده الذي رحل إلى الولايات المتحدة، وفيلمان آخران في تظاهرة «بانوراما». في المقابل، تتمثّل السينما العربيّة في الدورة الحاليّة بفيلم واحد موّلته شركات فرنسية وصندوق دعم أوروب وشركة «مصر العالمية». الفيلم الذي ينتظره الجمهور العربي بشوق، هو جديد المخرج المصري البارز يسري نصر الله «جنينة الأسماك». إنّه رحلة فنية مثيرة للاهتمام في عالم الإنسان المصري اليوم، عبر شخصيات تتعامل مع الحياة بخوف شديد... نتيجة الأوضاع العامّة محلياً ودولياً. أو مثلما تقول إحدى شخصيات الفيلم في اتصال هاتفي بالمذيعة ليلى (هند صبري): «أنا خايف من كل شيء. خايف من الطيور والبشر والحكومة والأميركان وإسرائيل». كل واحد في الفيلم يرتدي قناعاً يفصل بينه وبين الحقيقة: المذيعة خلف المايكروفون، المتصلون بها لا يكشفون أسماءهم، الدكتور (عمرو واكد) الذي يهرب من الناس إلى الأسماك ليراقبها... شخصيات تراقب بعضها بعضاً، لكنّها تنسحب وتنزوي داخل حياتها. إنه فيلم يدعو إلى التأمّل والتفكير، لكن للأسف يطير نصفه من بين يدي المخرج، ما إن يبدأ باستعارة شكل تقريري لقصّته، فيعرقل انسياب الفيلم.يشار إلى أن الموضوع العربي موجود أيضاً في فيلم الإسرائيلي إيران ركليس صاحب «عروس سورية» (2004). فيلمه الجديد «شجرة الليمون»، يتناول قصّة امرأة فلسطينية (هيام عبّاس) تواجه قرار الحكومة قطع أشجار الليمون في حديقتها، لأنّها تمثّل خطراً أمنياً! يعرض الفيلم شجاعة امرأة عربية في الدفاع عن أرضها وحقوقها... لكنّ المحكمة تنتصر في الأخير للمواطنة الفلسطينية ضد الحكومة! هكذا يبيعنا الفيلم في النهاية صورة إيجابيّة لإسرائيل، بصفتها دولة العدالة والديموقراطية و... القانون!