إعداد: محمد عبد الرحمن
ماذا بقي من وهج أيام زمان؟

هل للنجم عمر فنّي معين؟ أم أنه كلّما تقدّم في السنّ، زادت خياراته صعوبة؟ هذا التحدّي تعيشه اليوم خمس ممثّلات مصريات: نبيلة عبيد، ونادية الجندي، وليلى علوي، ويسرا وإلهام شاهين، تربّعن منذ الثمانينيات على عرش الشاشتين. ثم بدأت ثورة النجوم الجدد، وراحت كلّ واحدة منهنّ تبحث عن خلاصها، فأصابت حيناً وأخطأت أحياناً. هل بدأ بريقهن يخفت؟ الجواب رهنٌ بما سيقدّمنه هذا العام...


نبيلة عبيد

تعرف نبيلة عبيد، «نجمة مصر الأولى»، كيف تظلّ طـــــويلاً في دائرة الضوء. لكنها تغضب إن واجهها أحد بالقول إن 90 في المئة من المشاريع الفنية التي أعلنـت عنها أخيراً، لم يتحقق بعد... «بلبلة» ترفض الاعتزال، تعشق الظهور في الحفلات وعلى أغلفة المجلات وتحبّ اللقاءات التلفزيونية.
ترى ألّا معنى لحياتها من دون الناس، والهروب منهم يحتّم عليها الموت؟ لذا، منذ غابت عن أفيشات الأفلام، غيّرت كثيراً في خططها للبقاء: باتت أكثر حرصاً على الحضور على الشاشتين والخشبة، حتى في ما ندر. وكلّنا يتذكر كيف عادت عام 2003 إلى التلفزيون مع مسلسل «العمة نور»، وكيف دافعت عنه بشراسة بعد حملة الانتقادات التي طاولته، علماً بأن الجمهور بدأ يتفاعل أكثر مع العروض المكرّرة للمسلسل الذي أطلق نجومية أحمد الفيشاوي وبشرى. منذ ذلك الحين، تتحدث «بلبلة» باستمرار عن مشاريع تلفزيونية جديدة، أبرزها «البوابة الثانية» الذي تأجل موعد تصويره مراراً وتكراراً. ومن التلفزيون إلى المسرح الذي هجرته منذ انطلاقها على شاشة السينما. إذ أعلنت نبيلة منذ ثلاث سنوات أنها تستعد لتقديم عمل استعراضي غنائي هو «إيفيتا» مع المخرج سمير العصفوري، لكن ذلك لم يحدث بعد.
أما سينمائياً، فهي قدمت مطلع العام الماضي فيلم «مفيش غير كدة» بعد غياب خمس سنوات، لكنه لم يحقق إيرادات تذكر، على رغم المجهود الذي بذلته هي مع المخرج خالد الحجر وطاقـــــم الفيلـــــــم لتقديــــم شريط درامي غنائي، نادراً ما ظهر على الشاشة المصرية. وفيما ينــــــتظر الجمهور منذ سنوات أي جديد تقدمه، لم تيأس نبيلة. رأت شائعة وفاتها التي انطلقت قبل مدة بمثابة تأكيد على جماهيريتها، بعد حرص كثيرين على الاطمئنان إليها. وبعدما احتفلت أخيراً بعيدها الثالث والستين، عادت إلى القاهرة بعد رحلة أميركية.
وفي جعبتها هذه المرة فكرة تأسيس موقع إلكتروني، يؤكد سطوع نجمها حتى اليوم، وإن كان لبعضهم رأي مختلف في ذلك.




يسرا

في عام 2006، قدّمت يسرا أربعة أفلام دفعة واحدة، أحدها حقق صدى طيباً هو «دم الغزال». وبينما لم يحظ «كلام في الحب» و«ما تيجي نرقص» بالنجاح نفسه، أطلّت ضيفة شرف مؤثرة في «عمارة يعقوبيان». وعلى رغم قِصر هذا الدور، كان الفيلم مصدر اهتمام الصحافة بالنجمة المصرية لفترة طويلة. لكن ماذا عن 2007؟ لم تطلّ يسرا في السينما إطلاقاً، والفنّانة التي احتفظت ببريق خاص على الشاشة الفضية، لم تنجح في الاستمرار بالزخم نفسه، لتنهمك طيلة العام الماضي بمسلسلها «قضية رأي عام» الذي كان كافياً لبقائها مثاراً للجدل. وذلك ليس بسبب الأداء التمثيلي أو المستوى الفني للعمل، بل القضية التي جذبت اهتمام الصحافة، وهي الاغتصاب. وبينما أعلنت يسرا عن مشروعين لمسلسلين تنتظر تصوير أحدهما، «السفينة تاج» تأليف وحيد حامد، و«خاص جداً» لتامر حبيب، فإن السينما ما زالت مؤجّلة بشكل يهدد دخول يسرا نفق نبيلة عبيد ونادية الجندي، عبر الابتعاد لفترة طويلة عن شباك التذاكر. وعلى رغم أن الفنانة التي ناهزت الخامسة والخمسين، لم تشترط البطولات المطلقة على الشاشة الفضية منذ انطلاقها قبل ثلاثين عاماً، فلن تعود يسرا إلى الأدوار القصيرة إلا مع نجوم بحجم عادل إمام الذي تعدّه عرّابها في الوسط الفني. وبين السينما والتلفزيون، كان لنشاطاتها سفيرةً لدى الأمم المتحدة، دور كبير في تراجع نشاطها الفني (من ناحية العدد). إذ اعتادت المشاركة في أعمال خيرية عدة داخل مصر وخارجها، إضافة إلى ظهورها التلفزيوني كل فترة، آخرها برنامج «العراب» مع نيشان وعاصي الحلاني على mbc.
يسرا ترفض الغوص في تفاصيل حياتها الخاصة، وفتح الباب أمام الصحافة للحديث عن زواجها من المخرج خالد صالح سليم، أو استثمار هذا الارتباط على أغلفة المجلات الفنية. ومع ذلك، انهمكت الصحف أخيراً بمعركة، كانت هي محورها لا طرفاً فيها. إذ وصفتها الدكتورة سعاد صالح (جامعة الأزهر) في برنامج ديني على قناة «دريم»، بـ«العظيمة يسرا» نظراً لتقديمها مسلسلاً مهماً عن الاغتصاب. فغضب المتربصون بسعاد صالح، وانتقدوها لأنها ألصقت صفة «العظيمة» بفنانة مهما كان حجمها.




إلهام شاهين

ثلاثةُ عناصر أساسية صنعت نجومية إلهام شاهين منذ التسعينيات حتى السنوات الأولى من القرن. هي شاركت في أفلام سينمائية مع نجوم كبار، وقدمت أدواراً اتّسمت بالجرأة آنذاك: «سوق المتعة»، و«موعد مع الرئيس»، و«يا دنيا يا غرامي»، و«قلب رخيص»... أما المحور الثاني، فهو إطلالاتها في مسلسلات حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً. إذ حلّت بديلة لآثار الحكيم في «ليالي الحلمية»، ثم التقت مع يحيى الفخراني في «نصف ربيع الآخر». قبل أن تقدّم أولى بطولاتها المطلقة «البراري والحامول».
إلا أن الأضواء بدأت تنحسر تدريجياً عن إلهام شاهين: في السينما تراجع اهتمام المنتجين بالكبار رجالاً ونساءً، حتى إن دورها المميز في «خالي من الكوليسترول» مرّ مرور الكرام، بسبب الظروف السيئة التي عُرض خلالها الشريط. انتظرت بعده أربع سنوات حتى تعود إلى السينما من جديد مع فيلم «خلطة فوزية» الذي تصوّره اليوم. وفي التلفزيون، ارتكبت شاهين خطأ جسيماً، عبر إصرارها على تقديم مسلسلات تعتمد على البطولة النسائية. كذلك رفضت تجسيد شخصيات سيئة (إلا في ما ندر). لهذا، دارت معظم أعمالها حول رحلة صعود فتاة، أو زوجة شابة تواجه الحياة بعد رحيل زوجها... وبالتالي لم تعد مسلسلاتها تحمل لافتة «الحصرية»، ومع ذلك، لم تهتم إلهام، بل واصلت تنفيذ عدد كبير من المسلسلات (وصلت إلى ثلاثة في العام الواحد)، مع إصرارها على مشاركة شقيقها أمير في كل أعمالها، على رغم افتقاده محبة الجمهور.
شاهين التي تحتاج إلى تغيير جذري في خياراتها الفنية، تراهن اليوم على «خلطة فوزية». وعلى رغم أنها كذّبت شائعة زواج سرّي انطلقت حولها أخيراً، كانت تحتاج إلى مثل هذه الأقاويل حتى تذكّر الصحافة بأنها قادرة على خوض المغامرات العاطفية، حتى لو ناهزت الخمسين.




تحية



محمود عبد العزيز

لدى محمود عبد العزيز الذي بدأ مشواره الفني عام 1974، عملان دخلا تاريخ الفن المصري: فيلم «الكيت كات»، ومسلسل «رأفت الهجان». غير أنّ نجاح العملين اللذين عرضا في بداية التسعينيات، تحول إلى لعنة طاردت أعماله التالية. إذ بدأ النجم الوسيم، البحث عن أدواره بدقة أشد، وهو ما أسهم في تراجع عدد أفلامه. تزامن ذلك مع اختياره نصوصاً ذات مستوى فني جيد، حتى لو غاب عنها الجمهور مثل «القبطان» و«هارمونيكا» و«سوق المتعة»... هذا في السينما، أما في التلفزيون، فقدم الفنان المخضرم مع الراحلة مديحة كامل مسلسل «البشاير» وحقق انتشاراً كبيراً، لكنه لا يقارن بـ«رأفت الهجّان». وهذا الأخير تحول إلى عقدة عبد العزيز عندما وافق على بطولة مسلسل «محمود المصري» قبل أربع سنوات. غير أن الجمهور لم يستسغ العمل المستوحى من قصة المليادير المصري الشهير محمد الفايد. عرض المسلسل، وانتظر عبد العزيز كل هذه السنوات، ليطل مجدداً في فيلم «ليلة البيبي دول». وهو العمل الأول لبطل «الكيف» و«العار» و«جري الوحوش»، بعد سبع سنوات من الغياب عن الشاشة الكبيرة، أي منذ فيلم «الساحر» مع رضوان الكاشف. فهل تكون هذه العودة استثنائية، أم يركب محمود عبد العزيز قطار عادل إمام ونور الشريف وحسين فهمي ويحيى الفخراني الذين أكملوا المشوار مع السينما أو التلفزيون، رافضين انتظار الأعمال التي قد تُعيد وهج أيام زمان؟




ليلى علوي

هي الأصغر سنّاً بين النجمات الخمس، والعروس التي دخلت القفص الذهبي بعد سنوات طويلة من النجومية. من هنا، غطّى خبر زفافها الصيف الماضي من عمّ زوجة جمال مبارك، والمهر الذي حصلت عليه (نحو 900 ألف دولار)، على جميع أخبارها الفنية. وذلك لا يعني أن ليلى علوي تحتاج إلى الضجة حتى تبقى تحت الأضواء، فبطلة «بحب السيما» و«حبّ البنات» ما زالت قادرة على المقاومة، وإن قلّت أعمالها. واسمُ ليلى علوي لم يتأثر بجيل النجمات الجديدات، ولم يتراجع وسط تغييرات خريطة السينما المصرية. إلا أنّ الكلام هنا ينطبق على مكانتها نجمةً لا على نشاطها ممثلة. هي ما زالت محط أنظار الناس وأهل الصحافة والمصورين، خصوصاً في المهرجانات السينمائية حيث تشارك بصفة عضو لجنة تحكيم أو ضيفة شرف... لكن ماذا عن التمثيل؟ تخوض علوي هذا العام تحدّياً قد يكون الأصعب: في التلفزيون، بقي مسلسل «نور الصباح» عملها الأخير، على رغم مرور ثلاث سنوات على عرضه، وعدم تحقيقه لنجاح يوازي نجاح مسلسلات «بنت من شبرا»، و«التوأم» و«حديث الصباح والمساء»... من هنا، تجد ليلى نفسها أمام خيار وحيد، هو تقديم مسلسل مضمون النجاح، وإن كان خارج إطار المنافسة الرمضانية. أما في السينما، فكان «حبّ البنات» (2003) الذي يحصد جمهوراً جديداً كلّما يعرض على الفضائيات، آخر أعمالها. وفيلمها التالي «ألوان السما السبعة» الذي حقق نجاحاً متوسطاً خلال عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي، لم يعرف موعد عرضه الجماهيري بعد. كذلك تنتظر علوي «ليلة البيبي دول» علّه يعوضها الغياب الطويل، بالتالي فإن هذا الشريط المنتظر عرضه في مهرجان كان، إما أن يجدد نجوميتها على شاشة السينما أو يجعلها تقف عند مرحلة «حب البنات». علماً أن «قطة السينما المصرية» لا تزال تتميز دون غيرها، بتقديم أدوار تحتاج إلى شجاعة خاصة. وبعدما أطلت في دور الزوجة المسيحية في «بحب السيما»، تؤدي شخصية «فتاة ليل معتزلة» في «ألوان السما السبعة»، ولهذا السبب ربما، تشعر ليلى علوي بثقة أكبر تجاه الجمهور والنقاد، ولا تكترث للشائعات التي تنطلق حولها من حمَلها إلى المهر الذي تقاضته من زوجها منصور الجمال.




نادية الجندي

خلال الشهر الماضي، كان العالم المصري أحمد زويل في القاهرة. فانتهزت أسرة مسلسل «من أطلق الرصاص على هند علام» الفرصة، ودعته إلى ندوة لمناقشة أحوال العلماء المصريين في الخارج. طبعاً يتعارض نموذج زويل مع ما قدمه المسلسل من مطاردة لعلماء الطاقة النووية، فهو عالم في الفيزياء، حصل على جائزة نوبل تقديراً لأبحاثه التي أجراها في المختبرات الأميركية. وبالتالي، انتهت الندوة بمجموعة صور التقطت لزويل وفريق العمل.
هذه الندوة ليست إلا إحدى الطرق التي سعت من خلالها نادية الجندي مع فريق مسلسل «من أطلق الرصاص على هند علام» إلى الترويج للعمل. يُستثنى منهم المؤلف يسري الجندي الذي اشتغل بصمت على نصّ درامي جيّد، لكنّ الأزمة ليست دائماً في النصوص. فأداء نادية الجندي لم يتغير منذ 40 عاماً، والطريقة التي كانت تطلّ بها على جمهور الثمانينيات، لم تعد صالحة اليوم. يُضاف أن جولة سريعة على أفلامها، تؤكد أنها بقيت محصورة في شخصيات محددة خلال مشوارها الطويل: هي إما سيدة قوية تحكم محيطها بالحديد والنار حتى تلقى جزاءها في نهاية الشريط، أو فتاة عادية تتعرض لإغراءات الفاسدين وتجاريهم ثم تكشفهم للسلطات المصرية في المشهد الأخير. إلا أنها في عام 2001، قدمت في آخر أفلامها «الرغبة» أداءً مختلفاً، لتتفرغ بعدها إلى صراع طويل مع إلهام شاهين التي شاركتها البطولة، حول من هي الأحق بينهما في حصد جائزة التمثيل عن الشريط. ثم خرجت الجندي (68 عاماً) من المعركة، وقد أدركت أن عودتها إلى السينما باتت صعبة، وربما مستحيلة، في زمن هنيدي وسعد وأحمد حلمي...
لجأت إلى التلفزيون كما كان متوقعاً، وخلال 6 أعوام قدمت مسلسلين فقط هما «مشوار امرأة» و«من أطلق الرصاص على هند علام». وفيما يشتكي العاملون معها من طلباتها الكثيرة التي تعطل التصوير مراراً، يستبعد هؤلاء أن تقدم الجندي جديدها في رمضان المقبل. هي تبحث عن شخصية جديدة تقدمها لجمهور الشاشة الصغيرة الذي يرحّب بها، لكن بحماسة أقل من حماسة جمهور الثمانينيات الذي وافق على لقب «نجمة الجماهير»، على رغم أن الجندي هي التي اختارته لنفسها.