strong> بشير صفير
المهرجان اللبناني الوحيد خارج الموسم الصيفي، غيّر سياسته هذه السنة، فاتحاً أبوابه لمختلف الأنماط والثقافات والبلدان... لكنّ حصّة الأسد تبقى للموسيقى الكلاسيكيّة التي جعلها حجر الأساس في برمجته. الانطلاق الليلة مع السوبرانو البنغالية مونيكا يونس



موعـــد شتـــوي فـــي بيـــت مـــري مـــع بـــاخ وفاغنـــر ودوبوســـي...

الليلة ينطلق «مهرجان البستان للموسيقى» في بيت مري (لبنان)، مع ارتفاع الستار عن أولى أمسيات برنامج عام 2008 الذي يستمرّ حتى 16 آذار (مارس) المقبل.
منذ انطلاقته عام 1994، قدّم مهرجان البستان سنوياً أكثر من 30 عرضاً تنوّعت بين موسيقى الحجرة والأوبرا والحفلات الأوركسترالية والدينيّة والمسرح. وإذا كانت الدورات السابقة قد ركّزت على موضوع معيّن أو بلد محدّد لتدور حوله فكرة الحدث (حلّت إسبانيا ضيفة شرف العام الماضي)، فإنّ برنامج الدورة الـ15 استثنائي هذه السنة. إذ إنّ اللجنة المنظّمة التي ترأسها ميرنا البستاني، قرّرت أن يشمل المهرجان كل أقطار العالم، ومختلف الثقافات والبلدان والأنماط الموسيقيّة وفنوناً أخرى.
أمسيتا الليلة والغد مخصّصتان لمحبّي الأوبرا، مع مقتطفات غنائية من أعمال لموزار وغونو وفيردي ودونيزيتي وبوتشيني وغيرشوين وغيرهم، تؤديها السوبرانو البنغالية مونيكا يونس (1979)، وترافقها الأوركسترا الوطنية اللبنانية بقيادة النمساوي كارل زولاك. ويونس ابنة صاحب نوبل للسلام لعام 2006 محمد يونس، فرضت نفسها سريعاً في نيويورك حيث تقيم وتعمل، وقد حازت العديد من الجوائز من بينها جائزة Florida Grand Opera Competition.
أمّا في 15 و 16 و17 شباط (فبراير) الحالي، فسنكون على موعد مع الأوبرا الوحيدة التي يتضمّنها برنامج هذا العام، وهي «خطيبة القيصر» للروسي نيكولاي ريمسكي ـــــ كورساكوف. تقدّم هذا العمل فرقة «هيليكون أوبيرا» الروسيّة التي اعتادت زيارة المهرجان في السنوات الأخيرة. اللغة التي تُغنّى فيها هذه الأوبرا هي الروسية، على أن تتاح للجمهور ترجمة إنكليزية للنصّ خلال العرض. وكما نعرف، هذه الأوبرا عبارة عن تراجيديا من أربعة فصول، كتبها ليف ماي عام 1849، وتدور أحداثها خلال فترة حكم القيصر إيفان الرهيب، وتتناول الصراع العنيف بين طبقة النبلاء ورجال البلاط.
بعد الأوبرا، يأتي حوار ثنائي (18 شباط/ فبراير) بين الساكسوفون (آمي ديكسون الأوسترالية) والبيانو (مارتن كازن السكوتلاندي) تُعزف خلاله أعمال من عالم الموسيقى الكلاسيكية كُتِبَت في الأصل لهذه التركيبة (النادرة)، أو جرى توليفها كي تؤدّى في هذا الإطار.
ويتابع «البستان» نشاطه مع الموسيقى الكلاسيكية، وهذه المرّة أعمال أوركسترالية لبرامز وفاغنر ودوبوسّي، تقدّمها «أورورا أوركسترا» بقيادة الموسيقي الشاب نيكولاس كولون في 20 شباط (فبراير).
وكعادته يتميّز هذا المهرجان عن باقي المواعيد اللبنانيّة، بإفراد مساحة واسعة للحضور اللبناني في مجال الموسيقى الكلاسيكية... إذ يستضيف في 21 الجاري عازف الفلوت العالمي وسام بستاني الذي اختار مغارة جعيتا لإضافة رهبة المكان إلى أعمال يؤديها منفرداً، لباخ وتيليمان ودوبوسّي.
أمّا مساء 23 الشهر الحالي، فتقابل بلامينا مانغوفا (بيانو) الأوركسترا الوطنية، في الكونشيرتو الأوّل لتشايكوفسكي... كما تفعل زميلتها آنا فينيتسكايا في الكونشرتو الثاني لبروكوفييف. والقيادة في كِلا العملين لديميتري يوروفسكي.
الموسيقى الكلاسيكية حاضرة أيضاً وأيضاً، لكن في إطار مختلف هذه المرّة. إذ يعود الجمهور إلى القرون الوسطى، وتحديداً إلى الأعمال الدينية الغنائية التي سيؤديها في 24 فبراير الروسي إيغور رزنيكوف. كما سيلقي هذا الأخير محاضرة في اليوم التالي بعنوان «قوة الصوت» في الجامعة اليسوعية (قاعة بيار أبو خاطر).
بعد هذه الانطلاقة الكلاسيكية، يأتي دور موسيقى الجاز مع مفاجأة المهرجان: إذ يقدّم عازف الساكسوفون والكلارينيت العالمي لويس سكلافيس وفرقته حفلةً في 26 الشهر الحالي، بعدما توقّعه كثيرون أنّه سيكون في أحضان «ليبان الجاز» بما أنّه ينتمي إلى الفئة التي يتميّز بتقديمها هذا المهرجان الدائم.
بعد سكلافيس، نعود إلى الموسيقى الكلاسيكية مع محطّات متنوعة في الشكل واللون... حتى نصل إلى 6 آذار (مارس)، موعد انطلاق المحطة الأولى من موسيقى الشعوب مع فرقة تتألّف من مغنّية من سيبيريا، ستيبانيدا بوريسوفا التي تنشد أغنيات من التراث القديم بمرافقة ثلاثة موسيقيّين من ألمانيا والسودان. وفي اليوم الثاني، لدينا محطة ثانية في إطار مشابه، لكن هذه المرة مع فرقة «مزاهر» المصريّة التي تتألّف من سبعة أعضاء يقدّمون غناءً تراثيّاً من بلاد النيل، مع مرافقة إيقاعيّة فقط. كما تقدّم الفرقة عدداً من المدائح النبوية، إضافة إلى موسيقى الزار والأغاني الشعبيّة المصريّة.
في 8 آذار (مارس)، لقاء مع موسيقى التانغو تتولّاه فرقة Jerez Le Cam Ensemble التي تتألف من موسيقيّين من الأرجنتين وآخرين من باريس. ثم يلي هذه المحطة حوار كلاسيكي متناغم بين ثنائي بيانو في 9 آذار (مارس)، تتخلّله أعمال من الحقبة الرومنطيقية (فرانز ليست)، والانطباعية الفرنسية (موريس رافيل)، ومن أميركا القرن العشرين (ليونارد برنشتاين)... يؤديها ثنائي انجيليكا غينوفا ـــــ ليوبن ديميتروف (بلغاريا واليونان) في قاعة «أسمبلي هول» في الجامعة الأميركية في بيروت.
وفي 10 آذار (مارس)، ستُخصّص الأمسية لفرقة Thor Dance Company D’Orient التي تتألّف من ثمانية راقصين، سيقدّمون بلغة الجسد نظرتهم الخاصّة إلى الشرق من خلال ثلاث لوحات راقصة هي «الحمّام»، «الصحراء» و«الوليمة».
في 12 آذار، موعد مهم لمحبي الروائع التي كتبها باخ لآلة التشيلو المنفردة: تُرى، ماذا اختارت العازفة السويسرية العالمية أوفيلي غايار من بين متتاليات التشيلو الستّ لتلعب في كنيسة «مار سابا» القديمة (البترون)؟
أمّا مسك الختام، فسيكون مع موسيقى الغوسبل وعودة إلى جذور الجاز، ومعاناة الأفارقة السود في بلاد العمّ سام مطلع القرن الماضي، في لقاء على مدى ثلاثة أيام (14،15، و16 آذار) مع فرقة Sweet Gospel Choir.
تحدٍّ جديد يرفعه «مهرجان البستان» هذه السنة، في الظروف اللبنانية الصعبة، من خلال برنامج متنوّع يجمع كلّ الألوان والمناخات، ويبدو متعدّد الثقافات والأنماط والأشكال. فعسى هذا التنوّع ينعكس على طبيعة الجمهور أيضاً... لينجح مهرجان الشتاء، حيث تقاعست مهرجانات الصيف في الموسم الماضي.

مونيكا يونس ــ الليلة 8:30 مساءً وغداً ـــــ «أوديتوريوم إميل البستاني»، فندق البستان ــــــ بيت مري
مهرجان البستان حتى 15 آذار / مارس ــــــ للاستعلام: 03،752000ــ 04،972980
www.albustanfestival.com