يعدّ لبنان من البلدان الناشطة في عالم الموسيقى، إذا ما أخذنا في الاعتبار أوضاعه غير المستقرّة على شتى المستويات. وإذا راجعنا روزنامة الحفلات التي أقيمت في بيروت والمدن الكبيرة، قبل الحرب، خلالها وبعدها، فسنجد أنفسنا أمام تاريخ ذي قيمة فنّية كبيرة، صنعته أشهر الأسماء العالمية والإقليمية والمحلية. مَن يصدّق، بعد هذا، أنّ لبنان هذا ليس فيه دار أوبرا واحدة ... ولا حتّى صالة حفلات معدّة هندسيّاً لاستضافة فرق كبيرة أو أوركسترات أو جوقات؟ كل الصالات في لبنان هي مسارح في الأصل، وبعضها مناسب لفرقة صغيرة، لكن هناك دائماً مشاكل إمّا في المساحة، أو في التصميم الذي يسمح بصوت عالي الجودة في الأداء الحيّ. المعروف عن مهرجان البستان أنّ حفلاته لا تقام في المكان والصالة عينهما: فهناك الصالة الرئيسة في فندق البستان في برمانا، تقام فيها معظم الحفلات بينما يتوزّع الباقي على أمكنة أخرى. ورغم أنّ الصالة الرئيسة مقبولة عندما تكون الحفلة لعازف منفرد أو لبضعة موسيقيين، فإنّ هناك أزمة حقيقية عندما يتعلّق الأمر بالأعمال الأوبرالية أو الأعمال الأوركسترالية الضخمة. وهذا يسيء الى العمل أحياناً أو يؤدي إلى تهميشه في صالات أخرى.من جهة أخرى، يلجأ مهرجان البستان الى أماكن أخرى لرمزيتها أو جوّها الملائم للنمط الموسيقي، كاختيار مغارة جعيتا في حفلة وسام بستاني أو كنيسة قديمة لمتتاليات التشيلو لباخ مع أوفيلي غايار وغيرها من الأمثلة... وفي غياب اهتمام الدولة، سيبقى موضوع الأمكنة بالنسبة إلى مهرجان البستان مسألة تتأرجح بين التأقلم كنقطة ضعف والتنويع المناسب كنقطة قوة.