بيار أبي صعب
عام مرّ. لا شيء تغيّر تقريباً. الموت نفسه يخيّم مثل قدر إغريقي. ما زالت «الكلمات لا تقتل»، فيما البشر هم الذين يقتلون، كما كتبتِ في ختام «قتلة الكتاب». الموت، خاتمة موقتة... مستعادة، لا نكاد نعرف كيف نقرؤها. كل شيء على حاله هنا، معرض الكتاب مرّ على خير، كريستين (طعمة) تستعد للفوروم («أشكال ألوان») في نيسان/ أبريل. زينة الخليل افتتحت معرضاً في ميونيخ قبل أيام، تواصل فيه التلاعب البريء، الوردي، بجراحنا الجماعيّة وأيقونات الذاكرة القريبة. «لكن، كيف يسعني أن أتجاوز ذلك»، تجربة تندرج في سياق اهتماماتك باتجاهات «ما بعد الحداثة».
الفرق أنك ما عدت هنا. حين ألتقي حازم في بيروت أخجل من النظر في عينيه. حين أمرّ أمام «دار الساقي» أسرع الخطى، وأحاول ألا أتذكّر شيئاً. لكنّ روز، في لندن، استعادت تلك السهرة في بيتك قبيل الموعد المشؤوم. السابع عشر من شباط/ فبراير، في اليوم التالي، نهار الأحد، دخل جوزف مكتبي، جلس، وسألني ماذا سأكتب عن مي؟ على فكرة، لندن لم تعد لندن تماماً من دونك، هكذا فكّرتُ عشيّة رأس السنة، حين دعتنا فانيسا إلى دخول النادي الخاص بالأعضاء المطلّ على الـ«تايمز» في «تايت مودرن». هؤلاء الإنكليز قصّتهم قصّة مع «النوادي الخاصة»، قلت لك مرّة، فضحكتِ! تلك المدينة ستبقى مقترنةً بكِ في ذهني.
في مكان افتراضي، بين ساراييفو وبيروت، حيث تدور أحداث مسرحيّتك ـــــ الوصيّة، ما زلنا نبحث عن وطن، ونراهن على الفنون المعاصرة، ونسائل الذكورة والأنوثة... أستعيد ذكرى رحيلك الأولى في يوم مشؤوم، أرتدي فيه الحداد على عماد مغنية. أرأيت؟ ما زالت هناك أشياء كثيرة تجمعنا، وأخرى تفرّقنا ربّما. إذاً لنستأنف تلك اللعبة السيزيفيّة التي هي حياتنا من دونك.