جالت سمراء البادية في مخيلة الإعلام الواسعة بسبب غيابها الطويل عن الساحة الفنية، فلطالما أوحت غمزة سميرة توفيق التي خطفت قلوب الرجال بحب الظهور غير المبالغ به، في زمنٍ كانت صفاتها تطابق المعايير الجمالية بشكلٍ لافت. أما هويتها الموسيقية، فحددتها لاحقاً متناولةً عناصر الفنون البدوية الموسيقية، لتشكل بعد فيروز وصباح الجنس الثالث للغناء في بلادنا أو ما يسمى بالهلال الخصيب، حيث استقلت موسيقى هذه المنطقة عن المدرسة المصرية في هذه الحقبة. بذلك لم تشبه هذه المطربة أحداً ولم تقارن بأحد.
في الحديث عن المطربة الغجرية التي بدأت في الإذاعة الأردنية، لا بد من البحث عن طبيعة موسيقى البادية، وعناصرها حيث سحر البزق والربابة. تتفوق طبيعة هذا التراث على الموسيقى الشرقية المدنية في الارتجال والتأويل. موسيقاه تشبه الصحراء وتماشي رحيل البدو البطيء وغير المنتظم. نلاحظ مثلاً غياباً للزخرفة اللحنية والإيقاعية، وامتداداً لمخارج الحروف في الغناء. الحداء، وهو قالب غنائي مارسه الحادي ليحث جمله على السير، هو عبارة عن لحنٍ ذي إيقاعٍ بسيط يتكرر مع كل بيت، وينتهي دائماً بالقافية نفسها بوزنٍ مؤلف من ثماني حركات لكل بيت. والشروقي هو غناء غير موقع (لا يلتزم بالإيقاع)، يعتمد على ارتجال أبيات شعرية حيث تكون صدوره من قافية واعجازه من قافية أخرى، وغالباً ما يحاكي بمقاماته اللحنية الشجن ولوعة الرحيل.
إلى جانب القوالب البدوية، غنت صاحبة «الخال» لأهم الملحنين في تلك الحقبة نذكر منهم «الفيلسوف الساخر» فيلمون وهبي («يا هلا بالضيف» و«حبك مر متل الكينا)، زكي ناصيف (يا ريم الفلا) الذي أعطاها ما يشبه هويتها، وفريد الأطرش (بيع الجمل يا علي). أما أكثر أغانيها شهرةً فهي تلك التي لا تزال تغنى في كل سهرةٍ راقصة، ربما ننسى من صاحبها مثل «عالعين موليتين»، «بين العصر والمغرب»، «بسك تيجي حارتنا»، «بالله تصبوا هالقهوة»، «يا هلا بالضيف»، «وين ع رام الله».