strong> بشير صفير
يصعب على جزء من الموسيقيين الشباب في لبنان التعبير عن فنهم باللغة المحلية، في النص الكلامي كما في المكوِّنات الموسيقية المستعملة لتلحين هذه النصوص وتوزيعها وأدائها. إنها مسألة خيار شخصي أحياناً، أو نتيجة نشوء في بيئة عائلية واجتماعية «مُفرْنجة». ينتج من التقاء هذه العناصر وهذا المناخ، عملٌ فنيٌ لا يمتّ إلى لبنان ولا إلى الشرق إلا بصلة وحيدة هي هوية صاحبه. واليوم، نضيف إلى هذه الفئة اللبنانية تجربتين جديدتين: مِيا وزياد سعد.
أطلق هذان الفنانان مساء أمس ألبوميهما (يحتوي كل ألبوم أربع أغنيات ـ توزيع Incognito) في حفلة مشتركة ويستكملان الاحتفال مساء اليوم في حفلة مشتركة في نادي «بايسمنت» (منطقة الصيفي ــ بيروت).
ليس غريباً أن يجتمع زياد ومِيا في حفلة مشتركة. إذ أنّ نقاطاً عدّة تجمعهما وتبدأ من انتماء توجههما إلى القالب الاجتماعي نفسه، كما إلى النمط الموسيقى العام نفسه. كما أنّ التجربتين غربيتان صنعتا في لبنان (نصاً وموسيقى)، وتتميزان بالعفوية التي لا تحتاج إلى الجدية إلاّ في حدّها الأدنى. النصوص أجنبية، تنحصر بالإنكليزية عند زياد، وتنقسم بين الفرنسية والإنكليزية عند مِيا. صوتاهما عاديان، متوسطان في كل مزاياهما، لا يختزنان الطاقة الكبيرة ولا الجمال الاستثنائي، وبالتالي غناؤهما لا يدّعي قدرات وتلاوين يمكن أن يسقط في مطباتها. لذا يلاحَظ أن الألحان أفقية المسار إجمالاً، وُضعت في معظمها على الطبقة المتوسطة، إضافة إلى عدم وجود انتقالات صوتية متباعدة ولا تغييرات مقامية ضمن اللحن الواحد، أي على غرار الجزء الأكبر من الأغاني الغربية في عالم البوب والروك. أما المفردات فهي من قاموس سقطت منه التعابير الشبابية الغاضبة والثائرة والكئيبة، ولم يدخل إليه الكلام الثقيل بعد. ويضاف إلى هذه النقاط المشتركة التوزيع الموسيقي في الألبومين الذي يعتمد الآلات الحية والالكترونيات لأداء جمل بسيطة، غير معقّدة، متفاوتة في الجمال والضرورة. كما نذكر أنّ زياد سعد تولى توزيع أغنيات مِيا الأربع، ولحّن اثنتين منها وكتب نص إحداها.
مِيا حبيس تطرق باب الموسيقى لتقديم رؤيتها الخاصة في الأغنية نصاً وتلحيناً وأداءً، بعدما تأثرت بكبار رموز الساحة الفرنسية كسيرج غينسبور وفانسان دولارم. لكنها ليست غريبة عن عالم الفن، فهي تحترف الرقص الكلاسيكي والمعاصر وتنشط ضمن Beirut Dance Company. أسطوانتها Catimini هادئة، باستثناء الأغنية الأخيرة التي تستعيد، في بعض محطاتها، أجواء ديسكو السبعينيات وتكنو التسعينيات.
أما زياد سعد فيعرفه الجمهور عبر عالم السينما وفنّ الفيديو، صناعة وتمثيلاً، خصوصاً في فيلم «يوم آخر» للثنائي اللبناني خليل جريج وجوانا حجي ـــــ توما، حيث يلعب سعد أحد الأدوار الرئيسية. وقبل ألبومه الجديد Pop Will Save Us (موسيقى البوب ستنقذنا)، أصدر أسطوانة شبيهة بعنوان I Pee Blue. وانتماء سعد إلى البوب لا يعني انضواء تجربته تحت راية الموجة التجارية. إذ إن المعنيّ هنا هو البدايات الجميلة لهذه الموسيقى في السبعينيات. العمل في كل مكوّناته من تأليف زياد الذي يتولى أيضاً الغناء والعزف على الغيتار والكيبوردز.

21:30 مساء اليوم، Basement ــــ حي الصيفي، بيروت: 959698 ــ 70