(...) سادتي القضاة، سيدتي قاضية النيابة (...)لست المدعو ميشيل كيلو، نصير «14 شباط»، (حسب المذكرة الأمنية بحقّه) أنا الإنسان والمواطن الحر ميشيل بن حنا كيلو وغالية عوض الذي ليس نصير أية جماعة في لبنان أو سوريا، وليس نصير أي حزب قائد أو منقاد وأية ثورة، سواء أكلت وطنها أم أكلت ناسها، لأنني نصير وطني الصغير سوريا ووطني العربي الكبير، ونصير كل مواطن فيهما، نصير الحرية والديموقراطية (...)
أنا الإنسان والمواطن الحر ميشيل كيلو، الذي يعبر، حباً بسوريا وبالعرب، عن إصراره على خط المصالحة الوطنية والتوافق في بلده (...) لأن المصالحة والتوافق ضروريان لحماية الوطن والشعب والأمة في الداخل والخارج، من القمع والفساد الداخلي ومن الاحتلال الخارجي. كما أُعلن تمسّكي بسياسة «اليد الممدودة والعقل المفتوح» تجاه النظام التي كنت من أوائل مَن قالوا بها. وإذا كنت أكرر اليوم هذا، فليس خوفاً من السجن أو القمع (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، بل لإيماني الراسخ بأن المرحلة تضمر أخطاراً جسيمة إلى درجة يعجز النظام والمعارضة عن التصدي لها كلٌّ بمفرده، تحتم الوطنية مواجهتها بجهود مشتركة متوافق عليها ومعلنة وتحظى بدعم الشعب والمواطنين، وإلا ضاعت البلاد (...) وطننا مهدد بأخطار داهمة، داخلية وخارجية، بل قد يكون هدفاً لضربات عسكرية معادية لا ترحم، قد توجّه إليه في أي وقت (...)
أنا مجرد مثقف يجبره الانهيار العربي العام على الاهتمام بالشأن العام. ولست سياسياً بأي معنى من معاني الكلمة، بل مواطن يهتم بالشأن العام لأسباب روحية وضميرية تقلقني. كما تقلق النخب المثقفة العربية في كل مكان، ترجع إلى انهيار ما كنت أؤمن به وأعمل لأجله، مع جيلي كله، من أحزاب وأيديولوجيات وزعامات، وإلى كون «الثورة العربية» أو ما عرف بذلك، أعادت إنتاج الوضع الذي تمردت عليه ووعدت بتغييره إلى الأحسن، لكن في طبعة أسوأ بكثير من تلك التي كانت ترفضها (...)
إنني لا أسعى إلى أية مصلحة خاصة، لو كنت أسعى إلى مصالحي لتعاونت مع النظام وصرت مليونيراً أو مسؤولاً ككثير من المنافقين والتافهين، لكنني لست والله منافقاً أو تافهاً، لذلك أعلن عزوفي اليوم، وفي أي زمن آخر، عن أخذ أي موقع في أي مكان من السلطة أو الدولة، وتمسكي بأن يكون لي دور أكيد في إصلاح أوضاع بلدي ومؤسساته وسياساته بصورة سلمية
وعقلانية (...)
هذا الدور الذي يمليه عليَّ حبي لأمتي ووطني، وواجبي تجاههما سيتواصل بإذن الله، فهو واجب لا أعتذر عدم عن القيام به، ولا أطلب المغفرة أو العفو من أحد بسبب تأديته، وهو سيستمر بإذن الواحد الأحد، حتى في السجن، إلا إذا أقنعني أحد ما، أو أقنعت نفسي، أنا الذي يرى عمله بعين النقد القلقة، ولا يراه بعين الكمال المطمئنة، أنه خطأ، وهو أمر مستبعد، كما أعتقد.

* مقطع من المرافعة التي ألقاها ميشيل كيلو أمام محكمة الجنايات دفاعاً عن نفسه في 7 أيّار (مايو) ٢٠٠٧