جورج موسى
ترفضُ تحديد عمر فني للمغنّي، وتؤمن بأنّ الجميلات عائدات قريباً إلى المنزل... نجوى كرم عاتبة قليلاً على «روتانا»، وسياسيّي لبنان وشعبه الذي لا يتعلّم من التاريخ. وتوجّه، بعد أيام، رسالةً شديدة اللهجة إلى «حبيبها الكاذب»

يصعب أن تلتقي نجوى كرم من دون أن تتحدث معها في كل شيء: الفن، والسياسة، وحتى المشاكل الاجتماعية... تبدي الفنانة اللبنانية سعادتها بما حقّقته خلال العام المنصرم. تتوقّف عند صدى ألبوم «هيدا حكي»، وحفلات الصيف، والجولة الأخيرة التي أقامتها مع وائل كفوري وفضل شاكر، وشملت مدناً أميركية وكندية، وأخيراً حفلة رأس السنة التي جمعتها بكفوري في قصر الإمارات. تؤكد أنّ نجاح الجولة الأميركية مدّها بطاقة كبيرة، وخصوصاً أنّها غنّت مع نجمين لبنانيين بارزين. وتشرح أنّ هذا النوع من السهرات يتحوّل إلى مهرجانات، إذ ترعاها شركات كبرى، وتُقام في أكبر المسارح، ويتخطّى حضورها عتبة الخمسة أو الستّة آلاف شخص. تقول: «هنا، لا مكان للمجازفة. عوض أن تنظّم حفلة واحدة مع نجم واحد ويتّسع المكان لـ1500 شخص، يتقاضى عنها النجم أجراً معيّناً... يصبح العنوان أكبر، ومع جمهور أوسع».
ترفض كرم مقولة إن جمهور الاغتراب متعطّش للون غنائي معيّن، «يريد أن يستمع إلى كل شيء، فالفضائيات قرّبت المسافات. ومن كان يستقبلنا بالبكاء في بداية التسعينيات، بات يسألنا اليوم عن آخر أخبارنا، وإطلالاتنا التلفزيونية، ومشاريعنا التي سمع عنها هنا وهناك».
ننتقل للحديث عن دويتو «بالسنة» (كلمات نزار فرنسيس وألحان ملحم بركات) الذي أصدرته «روتانا» قبل مدة، وجمعها بملحم بركات: بم تردّ على مَن رأى أن هذه الخطوة لم تأت بحجم التوقعات؟ «ولدت فكرة المشروع في ليلة كنت أحضر فيها حفلة لملحم بركات، وبعدما قدّم الأغنية منفرداً، دعاني إلى المسرح لمشاركته تأديتها من جديد، فتفاعل معها الجمهور، وبدأ تسريبها عبر الهواتف الخلوية. وحتى لا يضيع حق الأغنية، قررنا أن نصدرها بشكل رسمي. لكن الأغنية، عندما دخلت الاستديو وارتدت ربطة العنق، خرجت بشكل مختلف... لولا إيماني بها، لما غنّيتها. لكن الجمل الغنائية كان يجب أن توزّع بطريقة مختلفة. أنا مثلاً طلبت أن يؤدي كل منّا جملته كاملة متكاملة، لكن بركات كان يريد تقسيم الجمل، حتى يظهر الأغنية بشكل دويتو، وخصوصاً أنها لم تكتب في الأساس ليقدّمها شخصان. علماً أن دويتو «يمكن نتهنّى بحبّك»، المفترض أن يجمعنا لم يصدر بعد، وهو ما زال في استديو هادي شرارة.
ومن «بالسنة» إلى «هيدا حكي»... عندما أصدرت كرم الألبوم الجديد منتصف الصيف الماضي، قال كثيرون إنّ هذا العمل أعاد إليها وهج أيام زمان. هي، في المقابل، تعترف بأن زحمة الساحة الفنية قد تزعزع خيارات المطرب. وتوضح: «قبيل إصدار أي جديد، يقف الفنان حائراً أمام التغيير والتجديد الذي يجب انتهاجه. أحياناً عدة يغيّبك هذا التغيير، إنما لا يلغيك، وخصوصاً إذا كنت قد حفرت في الصخر حتى وصلت إلى ما أنت عليه. والخيارات في «هيدا حكي» كانت صائبة تماماً». كما تعترف بأن التجديد في صورتها وموسيقاها يعني المجازفة، «إلا أنني أحاول أن أبقى نجوى كرم في كلّ ما أقدّمه».
لكن هناك من يطالبها بالعودة إلى اللون البلدي الصرف الذي كانت تقدّمه سابقاً؟ تجيب بحماسة: «هل تتخيّل أنّ الجمهور سيتقبّل اليوم، أنماطاً قديمة؟ على الفنان أن يؤدي الكلاسيكي، والتراث، والبلدي، والرومانسي، والإيقاعي... التجريب مطلوب، لكنّه يدور عندي في دائرة ضيقة. أتعلم، أنا لا أندم على أي من الخطوات التي اتخذتها سابقاً، بل أندم على خطوات أخرى لم أتحلّ بالشجاعة لأنفذها».
وبمناسبة الحديث عن الجمهور، تبدي المطربة اللبنانية تفاؤلها بتصفية الساحة قريباً من أشباه المغنين، «هناك أسماء كثيرة، كنا ننتظرها حتى نتفرّج عليها ـــــ لا أن نستمع إليها ـــــ اختفت مع الوقت... وبسبب طفرة مغنيّات الجسد، باتت الفرجة «بايخة»». تؤكد أنها تتابع جميع الإصدارات الغنائية، ولا سيما أولئك الذين أطلّوا معها بداية التسعينات، وما زالوا قادرين على الاستمرار حتى اليوم. وتشرح: «أتابع ألبومات لا أغنيات، وأنتظر أن يصبح الجديد قديماً حتى أعرف ما إذا كان سيستمرّ أم لا. أتشوّق لمعرفة كيف ينظر المخضرمون إلى الساحة، وكيف يتطوّر نتاجهم الغنائي». كما ترفض مقولة إن للنجم عمراً فنياً معيناً: «فالوقت لا يخفّف من الوهج، بل يضعضع قدرة هذا النجم أو ذاك على الاختيار».
وماذا عن الألبوم الجديد؟ «أنا أبحث اليوم عن الأغنيات المناسبة، وإذا سمحت ظروف البلد، سيصدر الألبوم كالعادة في أيار (مايو) المقبل».
هنا، ينتقل الحديث تلقائياً إلى السياسة. تنتقد نجوى كرم حال البلد، تعبّر عن سخطها، ليس على السياسين، بل على المواطن الذي «ينسى التاريخ عوض أن يتعلّم منه». توجّه سهامها إلى أولئك الذين يهرولون وراء السياسيين، ولا يتظاهرون في الساحات العامة ضدّ الفقر والجوع والهجرة، وفشل الأهل في تعليم أولادهم، أو إدخالهم أحد المراكز الطبية... كرم التي حقّقت ضمن برنامج «ليلة حلم» على «أل بي سي»، أمنيات بعض المسنين، فأمّنت بطاقات تأمين صحية لهم، تؤكد: «لو سلمت سدة الرئاسة، حتى ليوم واحد، لانصرفت إلى حلّ الأزمات الاجتماعية قبل أي شيء آخر». لذا، تشير إلى أنّها لا تفكّر في تقديم أغنيات اجتماعية ذات بعد سياسي (ليش مغرّب) بعد اليوم. كما تشير إلى أنّ واجب الفنان التعبير عن واقع الناس، لكنها اتّخذت قراراً بعدم الغناء إلّا عن الأمل والفرح، «فما الذي يمكن أن تقوله عن هذا المشهد القاتم؟».
أخيراً، نسألها عن صحة ما تردّد عن خلافها مع «روتانا»، في ما يتعلق بمسألة تصوير كليبها الجديد (راجع البرواز) والميزانية المرصودة له... تجيب بصوت عال: «قررت الشركة اليوم أن تنتهج نظاماً جديداً في هذا الصدد. وبما أن نجوى كرم متّهمة بأنّ طلباتها دائماً مستجابة، قررت الشركة أن تطبّق القوانين علي أولاً، حتى يتعلّم البقية الدرس. ولكن أتمنّى ألا يكون هذا النظام عكسرياً، فذلك يؤذي الفنان كثيراً، وخصوصاً أن هذا الفنان هو كتلة تعيش على المعنويات... لا يمكن أن تدير مغنياً بالعصا، وعلى أي شركة إنتاج أن تدرك بأن الديكتاتورية تؤدّي إلى ما لا تُحمد عقباه».
ولماذا ألغيت الحفلة التي كانت ستجمعها في عيد الفطر في بيروت مع ملحم بركات، قبل ساعات من الموعد؟ تجيب: «أُلغيت الحفلة قبل أسبوع، بسبب خلافات نشأت يومها بين ملحم وشركة «روتانا»... لكن «أل بي سي»، رفضت إلغاء بثّ الإعلانات، بسبب مسائل تتعلق بالبرمجة». وتستدرك: «ليس صحيحاً أن الحفلة لم تأت بجمهور. فنحن اسمان كبيران، ولو حدث ذلك، لكنا دعونا الناس مجاناً، من دون أن نثير أيّ ضجة».