فاطمة داوود
في عالم الملابس الجاهزة، بات الشرق الأوسط قبلةً لأشهر مصممي العالم: تومي هيلفيغر الذي أعلن ذات يوم أنه «يكره» العرب، افتتح متجراً في دبي. أما بول سميث، عرّاب الموضة الإنكليزية، فيَمّم شطر بيروت!



تومي هيلفيغر بدأ يحبّ العرب؟

ما زال بعض القرّاء يتذكر حتماً تصريحات تومي هيلفيغر قبل سنوات قليلة، حين عبّر عن أسفه لكون الأفارقة والعرب والإسبانيين يرتدون ملابسه التي صممها «للعرق الأبيض المتفوّق»! يومها لم يكن من المقدمة الشهيرة أوبرا وينفري سوى أن طردته من الاستوديو... لكن يبدو أنّ مصمّم الأزياء الأميركي المثير للجدل غيّر رأيه اليوم، ولو بدوافع تسويقية وتجاريّة. فقد ضرب عينه أخيراً على منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً دبي حيث افتتح متجراً كبيراً، يضمّ جميع منتجاته من ملابس وعطور وإكسسوارات. وهو يعزو اختيار الإمارات إلى كونها «بلاداً احتلّت موقعاً متميزاً في عالم الأزياء. وبسبب سرعة الحياة هنا، بات الشباب يبحث عن الملابس العصرية، وخصوصاً أن الناس في دبي يعرفون الكثير من الماركات العالمية المنتشرة في كل المراكز التجارية. لذا، يجب أن يتعرّفوا بشكل أوسع على ما تقدّمه ماركة تومي هيلفيغر».
رحلة ذلك الشاب المغامر في عالم الموضة، بدأت عام 1969، يوم بلغ الثامنة عشرة. يومها، كان شاهداً على ثورة عالمي الموسيقى والأزياء، وخصوصاً في الولايات المتحدة حيث حفلات الـ«روك أند رول» وموجة «الهيبيز». يذكر تلك الحقبة بحنين جارف: «في بلدتي ألميرا، كنت أول من تأثر بهذه الموجة، وأول من ارتدى ثيابها. وبعدما شرع أترابي بتقليدي، وجدت أن المشروع قد يدرّ عليّ ذهباً. هكذا، افتتحتُ متجراً صغيراً باسم «بيبولز بليس»، يضمّ سراويل الجينز والملبوسات الرياضية».
موّل مشروعه من جيبه الخاص، وبرأسمال لا يتعدى مئة وخمسين دولاراً. ثم جاءت المفاجأة مع نجاح التجربة، ما دفعه إلى افتتاح عشرة فروع مرة واحدة في مناطق مختلفة، وخصوصاً بالقرب من الجامعات. تلك كانت محاولته لاستقطاب هذه الشريحة التي أصبحت مصدر إلهامه الوحيد، لا بل رسمت خطاً فريداً في عالم الأزياء.
منذ البداية، اكتشف هيلفيغر أن مصانع الألبسة لدى المصممين المعروفين آنذاك، لم تكن تلبي رغبة الشباب. ومن هنا، بدأ يصمم الأزياء المتحررّة والمختلفة عن السائد. وقد استفزته شهرة بيار كاردان ورالف لورين حتى يطرح مجموعة رياضية، تبعده عن منافسة المخضرمين. اتخذ قراره بتنفيذ المشروع سريعاً على رغم معارضة الأقارب والأصدقاء الذين توقعوا فشله لافتقاره إلى الخبرة اللازمة وعدم معرفته بالتقنيات وأساليب التصميم والتسويق. لكن حلّ هذه المعضلات لم يتطلب منه سوى تشكيل فريق عمل محترف، أنجز المهمّة بنجاح، على رغم بعض العراقيل. إذ واجه خسارة مادية، اضطر بعدها إلى إغلاق محلات «بيبولز بليس»، في وقت كان يتحضرّ فيه لإطلاق مجموعته الرياضية. هكذا وقف أمام خيارين: إما العمل مساعداً لدار أزياء «كالفن كلاين» أو الشراكة مع موهان مرجاني (مالك رخصة جينز «غلوريا فاندربيلت»). إذ عرض عليه هذا الأخير تمويل أولى مجموعاته، فوافق على العرض الثاني حتى يحقّق حلمه القديم. واللافت أنه خاض سريعاً منافسة حادّة مع دار كالفن كلاين، بعد تقديمه للأميركيين خطاً ثورياً من الموضة، فسيطرت الألوان المتعددة على ألبسة الرجال، واعتمد القصات الجريئة، والمتحررّة من الكلاسيكي.
ولمحة سريعة على مجموعة الملابس الجاهزة لربيع وصيف 2008، تثبت أنه لم يشذّ عن قواعده حتى اليوم. التشكيلة التي اتسمت بالراحة التامة، حوت تصاميم أشبه بملابس النوم، سواء من ناحية الأقمشة الناعمة كالـ«كريب جورجيت» والحرير، أو الألوان الفاهية كالأبيض والأزرق المقلّم، والألوان البحرية كالأزرق والنيلي والبيج لتتناسب مع أجواء الصيف. كما جمع السراويل الطويلة والشورتات القصيرة جداً، فيما اكتفى بالفساتين المتوسطة الطول
أو القصيرة. الأمر ذاته تجلّى في ألبسة الرجال إذ ظهرت الجاكيتات بأزرار جانبية كأنها خيطت لقبطان. وهو ما يتقاطع مع أفكار المصمم الإنكليزي بول سميث الذي طبع علامته التجارية على شكل ألوان مقلّمة طولياً وعرضياً، ليثبت مرّة جديدة أن لندن لا تزال ملهمة نيويورك. تومي هيلفيغر لم يعد مجرد ماركة تجارية، بل هو أسلوب حياة مميّز، فهو يصمم الأزياء للرجال والنساء والأطفال، إضافة إلى الإكسسوارات والعطور والساعات والأحذية. ويتجّه لإطلاق خطة توسعية لتقديم المزيد من المنتجات، كالمفروشات ولوازم البيت.




بول سميث هالو بيروت!

لا يمكن لمن يتابع أخبار الموضة، أن يخطئ في التعرّف إلى تصاميم بول سميث! في أزياء المصمم الإنكليزي، ميزات كثيرة طبعت أسلوبه، وجعلته ملهماً لأبناء جيله: الألوان المقلّمة، والابتعاد عن تلك الداكنة صيفاً وشتاءً، والحضور الوقور للتايور الذكوري ذي اللمسات الأنثوية، والقصّات الفريدة...
وفي أسبوع الموضة الذي أقيم قبل أشهر في لندن، جاء عرض تشيكلته لربيع وصيف 2008 غنياً بالألوان. إذ أطلّت على الخشبة السراويل المجعّدة باللون الأخضر العشبي الفاقع، فيما ظهرت العارضات من خلف الشاشات الملوّنة، بأوشحة من الـ«شيفون» عُقدت حول العنق، وبَدَيْن كتلميذات المدارس مع النظارات التي أضفت مزيداً من الجديّة. كما برزت أقمشة الـ«ساتان» في السراويل الطويلة والقصيرة، وظهرت الملابس الرياضية لألعاب كرة المضرب و»الركبي» والبولو. وقد ضمّت المجموعة فساتين ذات قصّات متنوّعة: مستقيمة وأخرى غير مستقيمة، وصل بعضها حدّ الركبة، فيما انسدل القسم الآخر إلى أخمص القدمين. أما الألوان، فراوحت بين الأزرق، والأخضر، والزهري، والأحمر، والأصفر والبيج المائل إلى الزيتي. إضافة إلى تناغم الأبيض مع ألوان عدّة، بينها الأحمر والرمادي والزهري.
المجموعة جاءت تكريساً للانقلاب الذي أحدثه بول سميث في مسيرة عالم الموضة. إذ طوّع ملابس الرجال، من الجاكيت والسروال وربطة العنق والقمصان المقلّمة لتناسب الجنس اللطيف، ما أثار الدهشة في عالم الأزياء، وحصد إعجاب المرأة العاملة مطلع السبعينيات، حين افتتح أول متجر خاصّ بعلامته التجارية.
وعن هذا التوجه يقول: «أعجبتني فكرة إقبالها على قميص زوجها أو جاكيت أخيها. كما ألحّت عليّ زبوناتي في أن أقدّم لهن أزياء شبيهة بتلك التي أصمّمها للرجل».
سميث الذي ولد عام 1946، عرف حياةً مستقرة مع والديه، وهوي رياضة ركوب الدراجة. لكنّه ما لبث أن انتسب إلى أحد مصانع الألبسة، وأصبح مصمماً في السابعة عشر من عمره. هكذا اكتسب الخبرة ليفتتح عام 1970 أول متجر للألبسة الرجالية بالتعاون مع صديقته بولين دينيير (زوجته اليوم).
عرض أولى مجموعاته في باريس بعد ست سنوات، لتتوالى النجاحات، ويحصد عام 1995 جائزة الملكة إليزابيث للإبداع. لكن المرأة لم تأخذ حقّها في تصاميم سميث إلا مطلع الألفية الثانية. وخصصّ أول مجموعة لها، معتمداً على التايور الرصين.
على رغم صيته الذائع حول العالم، لم تحضر ماركة بول سميث إلى بيروت، عاصمة الموضة العربية، إلا منذ شهرين فقط.
وكان لذلك وقع طيّب لدى عشاّقه الذين اعتادوا شراء منتجاته من دول عربية أخرى. أما الحدث الأبرز نهاية عام 2007، فكان إطلاقه مجموعة خاصّة بالديكور الداخلي أيضاً، إذ أصدر في الأسواق مجموعة كراسٍ باسم «دي ميلروز» تتميز بأناقته المعهودة، وهي تجمع بين الحرفية البريطانية العالية، وخطوطه وألوانه الجريئة، علماً بأنها مصنوعة من خشب السنديان باللون الأسود أو الأحمر، ومنجّدة بأقمشة فخمة من 14 نوعاً، تراوح بين الحرير الهادئ، بلون واحد، أو المقلّم بألوان عدّة. ويقول بول سميث إن تصميمها الرشيق، مستوحى من الأسلوب الإيطالي وحركة الفن الحديث التي انتعشت في خمسينيات القرن الماضي.